للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تقع فيها بل الواقع هو البعض، فإن قيل: إذا أفسد الحج بإجماع فتداركه, فإنه يكون قضاء كما قاله الفقهاء مع أنه وقع في وقته, وهو العمر فالجواب: أنه إنما يكون العمر كله وقتا إذا لم يحرم به إحراما صحيحا, فأما إذا أحرم به فإنه يتضيق عليه ولا يجوز الخروج منه وتأخيره من عام إلى آخر يلزم من ذلك فوات وقت الإحرام به, فإذا اقتضى الحال فعله بعد ذلك فيكون قضاء للفوات بخلاف من أتى به غير منعقد, وقد سلكوا هذا المسلك بعينه في الصلاة، فقالوا: إنه إذا أحرم بالصلاة وأفسدها ثم أتى بها في الوقت فإنه يكون قضاء يترتب على جميع أحكام القضاء لفوات وقت الإحرام بها، ما قررناه من امتناع الخروج نص على ذلك القاضي الحسين في تعليقه، والمتولي في التتمة، والروياني في البحر، كلهم في باب صفة الصلاة في الكلام على النية وقد ذكرته مبسوطا في التناقض الكبير المسمى بالمهمات وهو الكتاب الذي لا يستغنى عنه، وإذا تقرر هذا وكلام الأصوليين لا ينافيه فليحمل عليه. قوله: "وإن وقعت بعده" أي: وإن وقعت العبادة بعد وقتها المعين سواء كان الوقت مضيقا أو موسعا كما قال في المحصول. "ووجد فيه" أي: في الوقت "سبب وجوبها" فإنه يكون قضاء ويدخل ما إذا مات فحج عنه وليه، فإنه يكون قضاء كما صرحوا به لوقوعه بعد وقته الموسع إذ الموسع قد يكون بالعمل، وقد يكون بغيره كما سيأتي قوله: "ووجد فيه سبب وجوبها" مردود من وجهين أحدهما: أن النوافل تقتضي على مذهبه مع أنه أخرجها باشتراط سبب الوجوب، ويدل عليه أيضا أنها توصف بالأداء والإعادة كما اقتضاه كلامه، فإنه قسم العبادة وهي أعم من الفرض والنفل ولم يقسم العبادة بقيد وجودها, ويرد عليه الصبي بعد وقتها فإنه مأمور بالقضاء، الثاني: أن دخول الوقت هو السبب في الوجوب وقد ذكره عند قوله، والقضاء يتوقف على السبب لا الوجوب فكيف يجعله مغايرا له حتى يشترطه أيضا مع مضي الوقت؟ فإن كان مراده أنه لا يوصف بالقضاء إلا ما كان أداؤه واجبا فهو فاسد؛ لأنه سيصرح بعد هذا بقليل بعكسه، وقد وقع صاحب التحصيل فيما وقع فيه المصنف فقال: وإن أديت خارج وقتها المضيق أو الموسع سميت قضاء, إن قصد سلب وجود الأداء, والمحصول والحاصل سالمان من هذا الاعتراض؛ وذلك لأن الإمام ذكر في أول التقسيم أن الواجب إذا أدي بعد خروج وقته المضيق أو الموسع سمي قضاء، ولم يذكر غير ذلك ثم قال بعد ذلك: وههنا بحثان فذكر الأول ثم قال: الثاني: أن الفعل لا يسمى قضاء، إلا إذا وجد سبب وجوب الأداء مع أنه لم يوجد الأداء، ثم تارة يجب الأداء، وتارة يمتنع عقلا، وتارة شرعا إلى آخر ما قال, فذكر أولا أن القضاء هو ما فعل بعد خروج وقته وعبر عنه ثانيا بتقديم سبب الوجوب، ولكن عبر بذلك ردا على ما قال: إن القضاء يتوقف على الوجوب، فضم المصنف الثاني إلى الأول حالة الاختصار وعطفه عليه, وكذلك صاحب التحصيل ظنا منهما أنه قيد في المسألة وهو غلط بلا شك، نعم كلام الإمام يوهم أن النوافل لا

<<  <   >  >>