الثاني: أن يذكر الشارع وصفا في محل الحكم لو لم يكن علة, لم يحتج إلى ذكره، كحديث ابن مسعود المشهور على ضعفه أنه أحضر النبي -صلى الله عليه وسلم- ماء نبذ فيه تمر أي: طرح فيه، فتوضأ به وقال:"ثمرة طيبة وماء طهور" فإن وصف المحل وهو النبيذ بطيب ثمرته وطهورية مائه دليل على بقاء طهورية الماء. الثالث: أن يسأل الشارع عن وصف، فإذا أجاب عنه المسئول أقره عليه، ثم يذكر بعده الحكم كقوله -عليه الصلاة والسلام- حين سئل عن جواز بيع الرطب بالتمر متساويا:"أينقص الرطب إذا جف؟ " فقيل: نعم فقال: "فلا إذًا". الرابع: أن يقر الرسول -عليه الصلاة والسلام- السائل على حكم ما يشبه المسئول عنه مع تنبهه على وجه الشبه، فيعلم أن وجه الشبه هو العلة، كقوله -عليه الصلاة والسلام- لعمر وقد سأله عن إفساد الصوم بالقبلة من غير إنزال:"أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته؟ " يعني: لفظته أكنت شاربه؟ فنبه الرسول بهذا على أن حكم القبلة في عدم إفسادها الصوم كحكم ما يشبهها وهي المضمضة، ووجه الشبه أن كلا منهما مقدمة لم يترتب عليه المقصود وهو الشرب والإنزال. النوع الرابع من الإيماء: أن يفرق الشارع في الحكم بين شيئين بذكر وصف لأحدهما, فيعلم أن ذلك الوصف علة لذلك الحكم وإلا لم يكن لتخصيصه بالذكر فائدة، ومثل له المصنف بمثالين إشارة إلى ما قاله في المحصول من كونه على نوعين، أحدهما: أن لا يكون حكم الشيء الآخر وهو قسيم الموصوف, مذكورا معه، كقوله -عليه الصلاة والسلام:"القاتل لا يرث" فإن هذا الحديث ليس فيه التنصيص على توريث غير القاتل. والثاني: أن يكون مذكورا معه، وهو على خمسة أقسام ذكرها في المحصول١، أحدها وعليه اقتصر المصنف تبعا للحاصل: أن تكون التفرقة بالشرط, كقوله -عليه الصلاة والسلام:"لا تبيعوا البر بالبر، ولا الشعير بالشعير" إلى أن قال: "فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم, يدا بيد". الثاني: أن تكون التفرقة بالغاية، كقوله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢] . الثالث: أن يكون بالاستثناء كقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣] . الرابع: أن يكون بالاستدراك كقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[المائدة: ٨٩] . الخامس: أن يكون باستئناف ذكرهما, كقوله -عليه الصلاة والسلام:"للراجل سهم, وللفارس سهمان". النوع الخامس: النهي عن فعل يكون مانعا لما تقدم وجوبه علينا، كقوله تعالى:{فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩] , فإنه تعالى لما أوجب علينا السعي ونهانا عن البيع علمنا أن العلة فيه تفويت الواجب. قال: "الثالث: الإجماع كتعليل تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب في الإرث، بامتزاج النسبين. الرابع: المناسبة، المناسب: ما يجلب للإنسان نفعا أو يدفع عنه ضررا، وهو حقيقي