للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الفصيح مقدم إجماعا للاتفاق على قبوله، وقال الإمام بخلاف الركيك، فإن منهم من رده؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أفصح العرب فلا يكون ذلك كلاما له، ومنهم من قبله وحمله على أن الراوي رواه بلفظ نفسه، وأما أفصح العرب فلا يكون ذلك كلاما له، ومنهم من قبله وحمله على أن الراوي رواه بلفظ نفسه، وأما الأفصح فلا يرجح على الفصيح خلافا لبعضهم؛ لأن الرجل الفصيح لا يجب أن يكون كل كلامه أفصح. الثاني: يرجح الخاص على العام لما تقدم في موضعه. الثالث: العام الباقي على عمومه راجح على العام المخصص؛ للاختلاف في حجيته، وهذا القسم يستغنى عنه بما سيأتي من تقديم الحقيقة على المجاز؛ لأن العام المخصص مجاز مطلقا عند المصنف. الرابع: ترجيح اللفظ المستعمل بطريق الحقيقة على المستعمل بطريق المجاز؛ لأن دلالة الحقيقة أظهر وهذا فيما إذا لم يكن المجاز غالبا، فإن غلب ففيه خلاف سبق في موضعه. الخامس: إذا تعارض خبران ولا يمكن العمل بأحدهما إلا بارتكاب المجاز، وكان مجاز أحدهما أشبه بالحقيقة من مجاز الآخر, فإنه يرجح عليه لقربه، وقد مر تمثيل ذلك في المجمل والمبين. السادس: الخبر المشتمل على الحقيقة الشرعية ويرجح على الخبر المشتمل على الحقيقة العرفية أو اللغوية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث لبيان الشرعيات، فالظاهر من حاله أنه يخاطب بها، ثم إن المشتمل على الحقيقة العرفية يرجح على المشتمل على الحقيقة اللغوية، لاشتهار العرفية وتبادر معناها. السابع: يرجح الخبر المستغني عن الإضمار على الخبر المفتقر إليه؛ لأن الإضمار على خلاف الأصل، وهذا القسم أيضا داخل في تقديم الحقيقة على المجاز؛ لأن الإضمار نوع من المجاز. الثامن: يرجح الخبر الدال على المراد من وجهين على الدال عليه من وجه واحد؛ لأن الظن الحاصل من الأول أقوى لتعدد جهة الدلالة. التاسع: يرجح الخبر الدال على المراد بغير واسطة على الدال عليه بواسطة؛ لأن قلة الوسائط تقتضي كثرة الظن، ومثاله قوله -عليه الصلاة والسلام: "الأيم أحق بنفسها من وليها" ١ مع قوله -عليه الصلاة والسلام: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها, فنكاحها باطل" ٢ فإن الأول يدل على صحة نكاحها إذا نكحت نفسها بإذن وليها كما يقول أبو حنيفة، والثاني يدل على بطلانه كما يقول الشافعي, ولكن بواسطة؛ وذلك لأنه يدل على البطلان عند عدم الإذن، وإذا بطل ذلك بطل أيضا مع الإذن للاتفاق بين الإمامين على عدم الفصل. العاشر: يرجح الخبر المومئ إلى علة الحكم على الخبر الذي لا يكون كذلك؛ لأن انقياد الطباع إلى الحكم المعلل أسرع. الحادي عشر:


١ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح "٦٦" وأبو داود في سننه "٢٠٩٨" والدارمي "٢/ ١٣٨" والزيلعي في نصب الراية "٣/ ١٨٢".
٢ أخرجه أحمد في مسنده "٦/ ٦٦" والدارمي في سننه "٢/ ١٣٧" والشافعي في مسنده "٢٢٠".

<<  <   >  >>