للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفه بالنص القاطع على الذي يثبت عليته بالنص الظاهر؛ لأن القاطع لا يحتمل غير العلية بخلاف الظاهر كما تقدم بسطه في أوائل القياس، والإجماع في ذلك ملحق بالنص القاطع, وقد أهمله المصنف لكن هل يقدم على الإجماع أم لا؟ فيه كلام يأتي في الترجيح بدليل الحكم. الثاني: يرجح القياس الذي يثبت عليه وصفه بألفاظ ظاهرة على ما ثبت بغيره كالمناسبة ونحوها؛ لكونه منصوصا عليه من الشارع، وأما الباقية فثابتة بالاجتهاد، ثم إن الألفاظ الظاهرة هي اللام وإن والباء، فأقواها اللام لأنها أظهر. قال الإمام: وأما الباء، وإن ففي المقدم منهما احتمال، وكلام المصنف يقتضي أنهما متساويان وقد تقدم إيضاح ذلك كله أيضا في أوائل القياس. الثالث: يرجح القياس الذي يثبت عليه وصفه بالمناسبة على الدوران وغيره مما بقي؛ لأن المناسبة لا تنفك على العلية، وأما الدوران فقد لا يدل عليها كالمتضايفين ونحوه مما تقدم ذكره، ثم إن المناسبة قد تكون من الضروريات الخمس المتقدم ذكرها في القياس, وقد تكون من الحاجيات، ويعبر عنه بالمصلحيات، وقد تكون من التحسينيات، يعبر عنه بالتتمات كما تقدم إيضاحه. فترجح الضروريات ثم الحاجيات ثم التتمات والمكمل لكل قسم ملحق به كما قاله ابن الحاجب، فالمكمل للضروري مقدم على الحاجي, والمكمل للحاجي مقدم على التحسيني؛ ولهذا وجب في قليل الخمر ما وجب في الكثير المسكر، وترجح الضرورة الدينية على الضرورة الدنيوية؛ لأن ثمرة الدين هي السعادة الأبدية التي لا يعادلها شيء، ولم يتعرض الإمام وصاحب التحصيل إلى المرجح من أقسام الضروريات, وقد تعرض له الآمدي وابن الحاجب وغيرهما فقالوا: ترجح مصلحة الدين، ثم النفس, ثم النسب، ثم العقل, ثم المال وتعرض صاحب الحاصل إلى القسم الأول فقط وهو ترجيح الدين على غيره؛ فلذلك ذكره المصنف دون ما عداه، وحكى ابن الحاجب مذهبا: أن مصلحة الدين مؤخرة على الكل؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة، ولم يذكر ذلك الآمدي قولا بل ذكره سؤالا. واعلم أن الوصف المناسب قد يناسب نوعه نوع الحكم، وقد يناسب نوعه جنس الحكم، وقد يكون بالعكس، وقد يناسب جنس جنسه الحكم. قال الإمام: فالأول مقدم على الأقسام الباقية، والثاني والثالث كالمتعارضين وهما مقدمان على الرابع. قال: وترجيح المناسبة الجلية على الخفية، وما ثبت اعتبار جنسه القريب على ما ثبت اعتبار جنسه البعيد، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: الأقرب اعتبارا فالأقرب. الرابع: يرجح القياس الذي ثبتت علية وصفه بالدوران، على الذي ثبتت عليته بالسبر أو غيره من الطرق الباقية؛ لأن العلية المستفادة من الدوران مطردة منعكسة بخلاف غيره من الطرق، ومنهم من قدمه على المناسبة كما قال الإمام لهذا المعنى أيضا، ثم إن الدوران قد يكون في محل واحد وهو أن يحدث حكم في محل الحدوث صفة فيه وينعدم ذلك الحكم عن ذلك المحل بزوال ذلك الوصف عنه،

<<  <   >  >>