للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد أشار إليه الإمام في الكلام على الفروع الآتية من بعد, وصرح به ابن التلمساني في شرح المعالم ثم القرافي والأصفهاني في شرحيهما للمحصول، ولا يصح أن يقال: احترز به عن غير ذلك من المعجوز عنه كسلامة الأعضاء ونصب السلم ونحوهما, فإن العاجز عنه لا يكون مكلفا بالأصل بلا نزاع لفقدان شرطه وفي ذلك إحالة لصورة المسألة, فإن الكلام فيما إذا كلف بفعل وكان متوقفا على شيء لا قدرة له عليه بخلاف الداعية ونحوها, فإن عدم القدرة عليها لا يمنع التكليف وإلا لم يتحقق تكليف البتة, فكل شرط للوجوب الناجز لا بد أن يكون مقدورا للمكلف وإلا ما قلناه، قال الأصفهاني: وضابط المقدور أن يكون ممكنا للبشر, لكن ذكر الآمدي في الأحكام أن المقدور احتراز عن حضور الإمام والعدد في الجمعة. قوله: "لنا أن التكليف بالمشروط دون الشرط؛ لأنه محال" هذا دليل لما اختاره المصنف من وجوب السبب والشرط، وإنما استدل على الشرط؛ لأنه يلزم من وجوبه ووجوب السبب بطريق الأولى، وتقرير الدليل من وجوه، أحدها: أنه إذا كان مكلفا بالمشروط لا يجوز تركه وإذا لم يكن مكلفا بالشرط جاز له تركه، ويلزم من جواز ترك المشروط فيلزم الحكم بعدم جواز ترك المشروط وبجواز تركه, وذلك جمع بين النقيضين وهو محال، الثاني, ما ذكره ابن الحاجب: أنه إذا لم يكن مكلفا الشرط, فيكون الإتيان بالمشروط وحده صحيحا؛ لأنه أتى بجميع ما أمر به فلا يكون الشرط شرطا وهو محال، والثالث, ما ذكره في المحصول: أن الأمر بالشيء لو لم يقتض وجوب ما يتوقف عليه لكان مكلفا بالفعل ولو في حال عدمه؛ لأنه لا مدخل له في التكليف من أن الفعل في تلك الحالة لا يمكن وقوعه لأن المشروط يستحيل وجوده عند عدم شرطه, فيكون التكليف به إذ ذاك تكليفا بالمحال, وهذه التقريرات صحيحة لا اعتراض عليها يصح وقد اعترض الآمدي وصاحب التحصيل ومن تبعهما على تقرير الإمام باعتراض زعموا أنه لا محيص عنه وهو ضعيف, سببه اشتباه الفرق بين التكليف في حال عدم الشرط بفعل المشروط والتكليف بفعل المشروط في حال عمد الشرط، فإن الأول ممكن وطريقه أن يأتي بالشرط ثم بالمشروط، وأما الثاني فيحتمل أمرين, وأحدهما هو المراد؛ فلذلك صرحت به في التقرير ولولا خشية الإطالة لذكرت ذلك كله مبسوطا لكن في هذا تنبيه لمن أحب الوقوف عليه. قوله: "قيل: يختص" أي: اعتراض الخصم على الدليل المذكور فقال: لم لا يجوز أن يكون التكليف بالشروط مخصوصا بوقت وجود الشرط ولا امتناع في ذلك، فإن غايته تقييد الأمر ببعض الأحوال الدليل اقتضاء وهو الفرار من المحال الذي ألزمتمونا به، فأجاب المصنف بأن اللفظ يقتضي إيجاب الفعل على كل خاص فتخصيص الإيجاب بزمان حصول الشرط خلاف الظاهر اعتراض الخصم على ذلك فقال: إنه معارض بمثله فإنك أوجبت المقدمة بمجرد الأمر مع أن اللفظ لا يقتضي وجوبها, وذلك خلاف الظاهر، فأجاب المصنف بأنا لا نسلم أن إيجاب المقدمة خلاف

<<  <   >  >>