عن المعتزلة, وأكثر الأصحاب تبع لصاحب الحاصل، وأما الإمام في المحصول والمنتخب فنقله عن جمهور المعتزلة وكثير من أصحابنا, وفائدة الخلاف من الفروع ما إذا قال: إن خالفت نهيي فأنت طالق، ثم قال: قومي فقعدت ففي الطلاق خلاف، ومستند الوقوع في هذه القاعدة صرح به الرافعي في الشرح الصغير, وفي المسألة اختلاف في الترجيح المذكور مبسوط في المهمات. قوله:"لأنه جزؤه" أي: الدليل على أن وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه؛ لأن حرمة النقيض جزء من ماهية الوجوب، إذ الوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع من الترك كما تقدم في موضوعه، فاللفظ الدال على الوجوب يدل على حرمة النقيض بالتضمن, وهذا الدليل أخذه المصنف من الإمام، وإنما ادعى الالتزام وأقام الدليل على التضمن لأن الكل يستلزم، وبالجملة فهو دليل باطل وممن نبه على بطلانه صاحب التحصيل، وتقرير ذلك موقوف على مقدمة وهو أنه قال السيد مثلا لعبده: اقعد, فمعنا أمران منافيان للمأمور به وهو وجود القيود, أحدهما: مناف له بذاته أي بنفسه وهو عدم القعود؛ لأن المنافاة بين النقيضين بالذات، فاللفظ الدال على القعود دال على النهي عن عدمه، أو على المنع منه بالذات، والثاني: منافٍ له بالعرض أي: بالاستلزام وهو الضد كالقيام مثلا أو الاضطجاع، وضابطه أن يكون معنى وجوديا يضاد المأمور به, ووجه منافاته بالاستلزام أن القيام مثلا يستلزم عدم القعود هو نقيض القعود، فلو حصل القعود لاجتمع النقيضان فامتناع اجتماع الضدين إنما هو لامتناع اجتماع النقيضين لا لذاتهما، فاللفظ الدال على القعود يدل على النهي عن الأضداد الوجودية كالقيام مثلا بالتزام، والذي يأمر قد يكون غافلا عنهما هكذا ذكره الإمام في المحصول وغيره، وفي المسألة قول آخر: أن المنافاة بين الضدين بالذات إذا علمت ذلك فقول المصنف: "وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه؛ لأنه جزؤه" لقائل أن يقول: إذا أراد بذلك أنه يدل على المنع من أضداده الوجودية فهذا مسلم، ولكن لا نسلم أنه جزء من ماهية الوجوب بل جزؤه المنع من الترك، وإن أراد به أنه دال على المنع من الترك فليس محل النزاع, إذ لا خلاف أن الدال على الوجوب دال على المنع من الترك لأنه جزؤه، وإلا خرج الواجب عن كونه واجبا، بل النزاع في دلالته على المنع من أضداده الوجودية كما اقتضاه كلام الإمام فيلزم إما فساد الدليل أو نصبه في غير محل النزاع، وإذا أردت إصلاح هذا الدليل بحيث يكون مطابقا للمدعى فقل: الأمر دال عن المنع من الترك, ومن لوازم المنع من الترك المنع من الأضداد فيكون الأمر دالا على المنع من الأضداد بالالتزام وهو المدعى. قوله:"قالت المعتزلة" أي: واستدلت المعتزلة على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده بأن الموجب للشيء قد يكون غافلا عن نقيضه, فلا يكون النقيض منهيا عنه؛ لأن النهي عن الشيء مشروط بتصوره، ويغفل بضم الفاء كما ضبطه الجوهري قال: ومصدرها غفلة وغفولا وأجاب المصنف