للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء عن حده الذي كان له الزموه حالًا واحدة, وسنفرد فصلًا في هذا الكتاب لذكر التقديم والتأخير وما يحسن منه ويجوز وما يقبح ولا يجوز إن شاء الله١.

وهذا الباب, والباب الذي قبله أعني: بابي المفعول له والمفعول معه, كان حقهما أن لا يفارقهما حرف الجر, ولكنه حذف فيهما ولم يجريا/ ٢٣٣ مجرى الظروف في التصرف في الإِعراب, وفي إقامتها مقام الفاعل فيدلك ترك العرب لذلك أنهما بابان وضعا في٢ غير موضعهما, وأن ذلك اتساع منهم فيهما؛ لأن المفعولات التي تقدم ذكرها وجدناها كلها تقدم وتؤخر وتقام مقام الفاعل وتبتدأ ويخبر عنها إلا أشياء منها مخصوصة. وقد تقدم تبييننا إياها في مواضعها.

ويفرق بين هذا الباب والباب الذي قبله أن باب المفعول له إذا قلت: جئتك طلب الخير إن في "جئتك" دليلًا على أن ذلك لشيء. وإذا قلت: ما صنعت وأباك فليس في "صنعت" دليل على أن ذلك مع شيء, لأن لكل فاعل غرضًا له فعل ذلك الفعل وليس لكل فاعل مصاحب لا بد منه, ولا يجوز حذف الواو في ما صنعت وأباك كما جاز حذف اللام في قولك: فعلت ذاك حذار الشر تريد: لحذار الشر, لأن حذف اللام لا يلبس وحذف/ ٢٣٤ الواو يلبس. ألا ترى أنك لو قلت: ما صنعت أباك صار الأب مفعولًا به.


١ سوفي يذكر هذا الباب في أول الجزء الثاني من هذا الكتاب، وهو باب التقديم والتأخير ٣/ ٧١ من الأصل.
٢ أضفت كلمة "في" لأن المعنى يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>