للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال كعيب بنُ جعيل:

فَكانَ وإيَّاهَا كَحَرَّانَ لَمْ يُفِقْ ... عَنِ الماءِ إذ لاقاهُ حَتَّى تقدَّدا١

قال: وإن قلت: ما صنعت أنت وأبوك, جاز لكل الرفع والنصب, لأنك أكدت التاء التي هي اسمك بأنت. وقبيح أن تقول: ما صنعت وأبوك, فتعطف على التاء, وإنما قبح لأنك قد بنيتها مع الفعل, وأسكنت لها ما كان في الفعل متحركًا, وهو لام الفعل فإذا عطفت عليها فكأنك عطفت على الفعل وهو على قبحه يجوز, وكذلك لو قلت: اذهب وأخوك كان قبيحًا حتى تقول: أنت, لأنه قبيح أن تعطف على المرفوع المضمر.

فقد دلك استقباحهم العطف على المضمرات الاسم ليس بمعطوف على ما قبله في قولهم: ما صنعت وأباك. ومما يدلك على أن هذا الباب كان حقه خفض المفعول بحرف جر أنك تجد الأفعال التي لا تتعدى, والأفعال التي قد تعدت إلى مفعولاتها/ ٢٣٢ جميعًا, فاستوفت ما لها تتعدى إليه فتقول: استوى الماء والخشبة وجاء البرد والطيالسة, فلولا توسط الواو وإنها في معنى حرف الجر لم يجز, ولكن الحرف لما كان غير عامل عمل الفعل فيما بعدها, ولا يجوز التقديم للمفعول في هذا الباب لا تقول: والخشبة استوى الماء, لأن الواو أصلها أن تكون للعطف وحق المعطوف أن يكون بعد العطف عليه, كما أن حق الصفة أن تكون بعد الموصوف وقد أخرجت الواو في هذا الباب عن حدها ومن شأنهم إذا أخرجوا


١ من شواهد الكتاب ١/ ١٥٠، على قوله: "إياها" والمعنى: فكان معها، يقول: كان غرضا إليها فلما لقيها قتله الحب سرورا بها فكان كالحران وهو الشديد العطش أمكنه الماء وهو بآخر رمق، فلم يفق عنه حتى انقد بطنه، أي: انشق، يقال: قددت الأديم إذا شققته وهذا مثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>