للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظه وكذلك تقول: ما أتاني من أحد إلا عبد الله, ألا ترى أنك تقول: ما أتاني من أحد لا عبدُ الله ولا زيدٌ, من قبل أنه خطأ أن تحمل المعرفة على "من" في هذا الموضع كما تقول: لا أحدَ فيها إلا زيدٌ, لا عمروٌ؛ لأن المعرفة لا تحمل على "لا"١. وتقول: ما فيها إلا زيد, وما علمت أن فيها إلا زيدًا, ولا يجوز: ما إلا زيد فيها, ولا ما علمت أن إلا زيدًا فيها٢, وإنما حسن لما قدمت وفصلت بين أن وإلا لطول الكلام, كأشياء تجوز في الكلام إذا طال وتحسن. ولا يجوز أن تقول: ما علمت أن إلا زيدا فيها, من أجل أنك/ ٣٣٨ لم تفصل بين "أن" وإلا كما فصَلْت في قولك ما علمت أن فيها إلا زيدًا.

قال سيبويه: وتقول إن أحدًا لا يقول ذاك وهو خبيث ضعيف٣ فمن أجاز هذا قال: إن أحدًا لا يقول هذا إلا زيدًا, حمله على "إن" وتقول: لا أحد رأيته إلا زيد, وإن بنيت جعلت "رأيته" خبرًا لأحد أو صفة. وتقول ما فيهم أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدًا كأنه قال: قد قالوا ذاك إلا زيدا. وتقول: ما أتاني إلا أنهم قالوا كذا و"أن" في موضع اسم مرفوع قال الشاعر:

لم يَمْنَعِ الشَّربَ منها غَيْرَ أن هَتَفت ... حَمَامَةٌ في غُصُونٍ ذَاتِ أَوْقَالِ٤

وناس يقولون: غير أن نطقت٥, وقد مضى تفسيره.


١ المصدر السابق ١/ ٣٦٢ وذلك لأن هذا الكلام جواب لقوله: هل من أحد أو هل أتاك من أحد.
٢ لأنك إذا قلبته وجعلته يلي "أن" و"ما" في لغة أهل الحجاز قبح ولم يجز لأنها ليست بفعل فيحتمل قلبهما كما لم يجز فيهما التقديم والتأخير.
٣ الكتاب ١/ ٣٦٣، لأن أحدا لا يستعمل في الواجب وإنما نفيت بعد أن أوجبت.
٤ مر تفسير هذا البيت، انظر ٣١٢ من المخطوط وهو لأبي قيس بن رفاعة. ورواه سيبويه ١/ ٣٦٩ غير أن نطقت.
٥ انظر: الكتاب ١/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>