للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تضيفه إليه, وكذلك النون في "منوان" فنصبته كما نصبت المفعول لما حال الفاعل بينه وبين الفعل. ولولا المضاف, والنون لأضفته إليه, لأن كل اسم يلي اسمًا ليس بخبر له, ولا/ ٣٥٣ صفة ولا بدل منه فحقه الإِضافة, وسيتضح لك ذلك في باب الخفض إن شاء الله.

ومثل ذلك: عليه شعر كلبين دينًا فالشعر مقدار وكذلك: لي ملء الدار خيرًا منك, ولي ملء الدار أمثالك؛ لأن خيرًا منك وأمثالك نكرتان١ وإن شئت قلت: لي ملء الدار رجلًا وأنت تريد: رجالًا وكل مميز مفسر في المقادير والأعداد وغيرها. "فمن" تحسن فيه إذا رددته إلى الجنس تقول: لي مثله من الرجال, وما في السماء قدر راحة من السحاب, ولله دره من الرجال, وعندي عشرون من الدراهم, ومنه ما تدخل فيه "من" وتقره على إفراده كقولك: لله دره من رجل.

قال أبو العباس -رحمه الله: أما قولهم: حسبك بزيد رجلًا, وأكرم به فارسًا, وحسبك يزيدٍ من رجل, وأكرم به من فارس, ولله دره من شاعر, وأنت لا تقول: عشرون من درهم ولا هو أفره من عبد, فالفصل بينهما: أن الأول كان يلتبس فيه التمييز بالحال فأدخلت٢ / ٣٤٥ "من" لتخلصه للتمييز, ألا ترى أنك لو قلت: أكرم به فارسًا وحسبك به خطيبًا لجاز أن تعني في هذه الحال, وكذلك إذا قلت: كم ضربت رجلًا وكم ضربت من رجل. جاز ذلك لأن "كم" قد يتراخى عنها مميزها. وإذا قلت: كم ضربت لم يدر السامع أردت: كم مرةً ضربت رجلًا واحدًا أم: كم ضربت من رجل فدخول "من" قد أزال الشك. ويجوز أن تقول: عندي رطل زيت وخمسة أثواب, على البدل لأنه جائز أن تقول: عندي زيت رطل, وأثواب خمسة فتوخوها على هذا المعنى, وجائز الرفع في: لي مثله رجل،


١ في الأصل "نكرة".
٢ انظر: المقتضب ٣/ ٣٤-٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>