للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شئت قلت: لا ماءَ ماءٌ باردٌ, فإن جعلت الاسمين اسما واحدا قلت: لا ماءَ ماءَ باردٌ, جعلت ماء الأول والثاني اسمًا واحدًا وجعلت "بارد" نعتًا على الموضع. ومن ذا قول العرب: لا مالَ لهُ قليلٌ ولا كثيرٌ.

قال سيبويه: والدليل على أن "لا رجل" في موضع اسم "مبتدأ" في لغة تميم قول العرب من أهل الحجاز: لا رجلَ ١ / ٤٥١ أفضل منك, والعطف في هذا الباب على الموضع كالنعت, فمن ذلك قول الشاعر وهو رجل من مذحج:

هَذا -لَعَمْرُكُم- الصَّغَارُ بَعْينِه ... لا أُمَّ لي إِنْ كَانَ ذاكَ ولا أَبُ٢

والأجود أن تعطِفَ على اللفظ فتقول: لا حولَ ولا قوةٌ, هذا إذا جعلت لا الثانية مؤكدة للنفي ولم يقدر أنك ابتدأت النفي بها, فإن قدرت ذلك كان حكمها حكم الأول فقلت: لا حولَ ولا قوةَ, وإن شئت عطفت على الموضع كما خبرتك.


١ نظر: الكتاب ١/ ٣٤٥.
٢ القطعة التي منها هذا الشاهد اختلف في قائلها، فنسبها سيبويه ٢/ ١٦١، و١/ ٣٥٢، إلى رجل من مذحج وفسره في ص/ ١٦٢ بأنه هنى بن أحمر الكناني وكذلك نسبه الآمدي في المؤتلف والمختلف ونسبه البغدادي لضمرة بن جابر ولغيره أيضا.
والشاهد فيه: عطف الأب بالرفع مراعاة لمحل "لا" مع اسمها ويجوز أن تكون "لا" الثانية عاملة عمل ليس فيكون لكل من "لا" الأولى والثانية خبر يخصها، لأن خبر الأولى مرفوع وخبر الثانية منصوب، كما يجوز أن تكون "لا" مهملة وأب مبتدأ خبره محذوف. والصغار: الذل، وهو خبر هذا وفصل بينهما بالجملة القسمية التي حذف خبرها وجوبا. بعينه: الباء زائدة في لفظ التوكيد وكان تامة وجواب الشرط محذوف.
وانظر: الخزانة ١/ ٢٤٤، وانظر: المقتضب ٤/ ٣٧١، وشرح السيرافي ٣/ ٩٠، والمفصل للزمخشري/ ٢٣٣، وابن يعيش ٢/ ١١٠، والعيني ٢/ ٢٣٩، والخزانة ١/ ٣٤٤، ورواه البغدادي: هذا وجدكم الصغار بعينه، والمؤتلف والمختلف/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>