للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيمة, فهذا يبن أنها في هذا الموضع حرف لأنهم أجمعوا على أن "من" حرف وعن أيضًا لفظة مشتركة للاسم والحرف.

قال أبو العباس: إذا قال قائل: على زيدٍ نزلت وعن زيدٍ أخذت١, فهما حرفان يعرف ذلك ضرورة لأنهما أوصلا الفعل إلى زيد كما تقول: بزيدٍ مررت. وفي الدار نزلت وإليكَ جئت, فهذا مذهب الحروف وإذا قلت: جئت من عن يمينهِ, فعن اسم ومعناها ناحية, وبنيت لمضارعتها الحروف. وأما الموضع الذي هي فيه اسم فقولهم: مَن عن يمينكَ لأن "من" لا تعمل إلا في الأسماء. قال الشاعر:

فَقُلْتُ اجْعَلِي ضَوْءَ الفَرَاقِدِ كُلَّها ... يَمِينًا ومهوى النَّجْمِ مِن عَن شِمَالِكَ٢

وأما كاف التشبيه فقولك: أنت كزيدٍ ومعناها معنى/ ٥٢٢: مثل, وسيبويه يذهب إلى أنها حرف٣. وكذلك البصريون, ويستدلون على أنه حرف بقولك: جاءني الذي كزيدٍ كما تقول: جاءني الذي في الدارِ ولو قلتَ: جاءني الذي مثل زيدٍ لم يصلح إلا أن تقول: الذي هو مثل زيدٍ, حتى يكون لهذا الخبر ابتداء ويكون راجعًا في الصلة إلى الذي فإن أضمرته: جاز على قبح وإذا قلت: جاءني الذي كزيدٍ لم تحتج إلى هو, ومما يدلك على أنها حرف مجيئها زائدة. والأسماء لا تقعَ موقعَ الزوائدِ, إنما تزاد الحروف, قالَ


١ قال المبرد في المقتضب ١/ ٤٦. وقد يكون اللفظ واحدا ويدل على اسم وفعل، نحو قولك: زيد على الجبل يا فتى، وزيد علا الجبل، فيكون "على" فعلا ويكون حرفا خافضا والمعنى قريب.
٢ الشاهد فيه: أن "عن" اسم لدخول حرف الجر عليها إذ إن حرف الجر لا يدخل على مثله. والبيت لذي الرمة بن غيلان. وانظر: أسرار العربية لابن الأنباري/ ١٠٢، وشروح سقط الزند ٢/ ٥٣٩، والديوان/ ٤٢٩.
٣ انظر: الكتاب ٢/ ٣٠٤، قال: وكاف الجر التي تجيء للتشبيه وذلك قولك: أنت كزيد، بينما يرى المبرد: أنها بمعنى مثل، قال في المقتضب ٤/ ١٤٠: وأما الكاف الزائدة فمعناها: التشبيه، نحو: عبد الله كزيد، وإنما معناه مثل زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>