للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولك: خشنت بصدره، وصدر زيد، وهو إذا نصبت في هذا الموضع أحسن من قولك: مررتُ بزيدٍ وعمرٍو، لأن قولك: "خشنت" يجوز فيه حذف الباء ولا يجوز في: "مررتُ بزيدٍ" حذفها.

وتقول: "عبد اللهِ الضاربُ زيدًا" جميع النحويين على أن هذا في تقدير: الذي ضرب زيدًا، ولم يجيزوا الإِضافة، وزعم الفراء: أنه جائز في القياس على أن يكون بتأويل: "الذي هو ضارب زيدٍ" وكذا حكم: "زيدٌ الحَسنُ الوجهِ" عنده أن يكون تأويله، الذي هو حسن الوجه، وقد ذكرنا أصول هذا وحقائقه فيما تقدم، وتقول عبد الله الحسنُ وجهًا، ولا يجوز: الحسنُ وجهٍ لأنه يخالف سائر الإِضافات، وأما أهل الكوفة فيجوز في القياس عندهم إلا أنهم يقولون: "الوجهُ" مفسرٌ وإذا دخل في الأول ألف ولام دخل في مفسره عندهم، ومن قولهم: خاصة العشرون الدرهم والخمسة الدراهم والمائة الدرهم ولا يجوزُّ هذا البصريون١؛ لأنه نقض لأصول الإِضافة، والبصريون يقولون: خمسةُ الدراهم، ومائة الدرهم فيدخلون الألف واللام في الثاني، ويكون الأول معرفًا به على سبيل الإِضافة ويقولون: العشرون درهمًا والخمسةَ عشر درهمًا، فيدخلون الألف واللام في الأول فيكون معرفًا، يقرون الثاني على حده في النكرة.

وقيل لأبي العباس رحمه الله: ألستم تقولون: عبد الله الضاربهُ، والضاربك والضاربي فتجمعون على أن موضع الكاف والهاء خفض؟ قال: بلى، قيل له: فهذا يوجبُ الضاربُ زيدٍ، لأن المكنى على حد الظاهر، ومن قولك أنت خاصة: إن كل من عمل في المظهر، جائز أن يعمل في المضمر، وكذلك ما عمل في المضمر جائز أن يعمل في المظهر، فقال: نحو قول سيبويه: إن هذه الحروف يعني حروف الإِضمار قلَّتْ وصارت بمنزلة التنوين؛ لأنها على حرف، كما أن التنوين حرف، فاستخفوا أن يضيفوا إليها الفاعل، لأنها تصير في الاسم


١ انظر الإنصاف/ ١٧٦-١٧٧ "شرح هذه المسألة ابن الأنباري".

<<  <  ج: ص:  >  >>