للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبعض حروفه، وحكَى لي عنه بعدُ أنه قال: "الضاربَهُ" "الهاء" في موضع نصب؛ لأن لا تنوين ههنا، تعاقبه الهاء والضارباه "الهاء" في موضع خفض فإذا أردت النصب أثبت النون بناء على الظاهر، وبه اختلف الناس في المضمر فأما الظاهر فلا أعلم أحدًا يجيزه الخفض إلا الفراء وحكى لنا عنه أنه قال: وليس منْ كلام العرب، إنما هو قياس، ويقول: أعجبني يوم قام زيدٌ ويوم قيامِكَ، نسقت بإضافة محضة على إضافة غير محضة، فإن قلت: أعجبني يوم قمته فرددت إلى "يومٍ" ضميرًا في "قامَ" لم تجز الإِضافة قال الله عز وجل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ١، والمضافُ إلى غير محضٍ لا يؤكد ولا ينعت. ومن الكوفيين من يجيز تأكيده.

وقال الأخفش: في قول العرب: اذهبْ بذي تَسلم وإنما هو اذهب لسلامتِكَ٢ أي: اذهب وأنت سالم، كما تقول: قام بحمقة وقام بغصة وخرج بطلعته أي خرج وهو هكذا وهذا في موضع حال، قال: وإن شئت قلت: معناه معنى سلمكَ اللهُ وجاء في لفظ ما لا يستغنى وحده، ألا ترى أنك [تقول] ٣: زيد بسلامته، كما تقول: زيد سلمهُ اللهُ ولا تقول: إنك بذي تَسلم وتقول: إنك مسلمك الله إلا أن تدعو له فإن دعوت لم يحسن حتى تجيء له بخبر لأن لا بد لها من خبر وقد خرج مسلمك الله من أن يكون خبرًا وقال: تقول: هذه تمرة قريثاء يا هذا، وإن شئت قلت: كريثاء وهما لغتان وتمرتا كريثاء، إذا أردت الإِضافة وهاتان تمرتان قريثاء٤ إذا أردت النعت، وهذه تمرة دقلة وتمرتان دقلتان إذا نعت وتمرتا دقل إذا أضفت، وتقول: هذه تمرة إذاذة، وتمرتان إذاذتان، وتمرتا إذاذ، قال: وليس شيء من الأجناس يثنى ويجمع إذا وصف به إلا التمر.


١ البقرة: ٢٨١.
٢ في سيبويه ١/ ٤٦١: "قوله: لا أفعل بذي تسلم.. المعنى: لا أفعل بسلامتك".
٣ زيادة يقتضيها السياق.
٤ قريثاء وكريثاء: نوع من التمر الأسود, وهو أطيب تمر بسرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>