يزورنا نزورهُ؛ لأنَّ المجازاة لا تقع ههنا فإن قلت: فَلِمَ لا تعملُ إنَّ في "مَنْ" وتدعها للمجازاة كما أعملت إنَّ الابتداء؟ فلأن "إنْ" التي للمجازاة لا تقع ههنا لأن إنَّ المشددة توجب بها والمجازاة أمرٌ مبهمٌ, يعني أنه لا تقع "إنْ" التي للمجازاة بعد "أنَّ" الناصبة، والمجازاة ليست بشيءٍ مخصوص إنما هي للعامة وإن الناصبة للإِيجاب, وكذلك: ليت مَنْ يزورنا نزورُه, ولعلَ وكانَ وليسَ لأنك إذا قلت: مَنْ يزورُنا نزوره، وما تعطي تأخذْ فأنتَ تبهمُ ولا توضحُ, وهكذا يجيءُ الجزاءُ بمَنْ وأخواتها, فإن أوضحت منه شيئًا بصلةٍ ذهبَ عنه هذا العملُ وجرى مجرى "الذي" وتقول: سكتَ حتى أردنا أن نقومَ, تقول: افعلوا كذا وكَذا, فترده على جواب "إذا" ولو رددته على حتى جاز على قبحه وحقُّ "حَتى" أن لا تفصل بينها وبين ما تعمل فيه, وتقول: لا واللهِ حتى إذا أمرتُك بأَمرٍ تطيعني, ترفع جواب "إذا" وإن شئتَ نصبت على "حتى" على قبحٍ عندي، إلا أن الفصل بالظرف أحسن من الفصل بغيره. وتقول: لا والله حتى إنْ أَقلْ لكَ: لا تشتمْ أَحدًا لا تشتمه. ولا تشتمهُ جوابُ "إنْ أَقلْ لك" فلا يكون فيه النصبُ؛ لأنه لا يرجع إلى: حتى لا والله وإذا قلت لكَ: اركبْ تركب يا هذا, تنصبُ "تركب" على أو وفصلت بالظرف والفصل بالظرف أحسنُ من الفصل بغيره، أردت: ولا واللَّه أو تركب, إذا قلت لكَ اركبْ ومَنْ رفع ما بعد "أوْ" في هذا المعنى رفع هذه المسألة وتقول: تسكت حتى إذا قلنا: ارتحلوا لا يذهب الليلُ تخالفْنا فلا تَذهبْ، "تذهبُ" معطوفٌ على "تخالفنا" وحتى إن نقل: ايتِ فلانًا تصبْ منهُ خيرًا لا تأتهِ، فتصب خيرًا جزمٌ على جواب ايتِ ولا تأته جواب "إنْ نقلْ". وتقول: لئن جئتني لأكرمنّكَ, الأولى توكيدٌ والثانية لليمين, ولا يجوز بغير النون ولئن جئتني لإِليكَ أقصدْ ولإِيّاك أكرمْ، ولا تنون أكرمْ لأن اللام لم تقع عليه ولو وقعت عليه فقلتَ: لأكرمنّكَ وكذلكَ: لئن جئتني لأكفلن بكَ، وفي كتابِ اللهِ عز وجل:{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} ١ لما وقعت اللام