للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أنَّهم جعلوا أن المخففة بمنزلة إنَّما كان قويا١ وفي هذا البابِ شيءٌ مشكلٌ أنا أبينهُ.

اعلم: أن الأفعال على ضروب ثلاثة: فضرب منها يقين وهو عَلِمتُ وضَرب هو لتوقعِ الشيءِ نحو: رجوتُ وخفتُ، وضربٍ هو بينهما يحمل على ذا, وعلى ذَا نحو: ظننتُ وحسبتُ.

واعلم: أن "أنّ" إنما هي لما تتيقنه ويستقر عندك و"أَنْ" الخفيفة إنما هي لما لَم يقعْ نحو قولك: أُريد أَنْ تذهبَ، فإذا كانت أن الخفيفة بعد "علمتُ" فهي مخففةٌ من الثقيلة وإذا خففت أتى بلا والسين وسوف عوضًا مما حذف, وجعلوا حذفها دليلًا على الإِضمار, وقد ذكروا فيما تقدم و"أَنْ" التي تنصب بها الأفعال تقع بعد رجوت وخفتُ؛ تقول: خفتُ أَنْ لا تفعلَ. فأما بعد حسبت وظننت فإنها تكون على ضربين: إنْ كان حسبانكَ قد استقر كانت مخففة من الثقيلة وإن حملته على الشك كانت خفيفة كقوله: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ٢, تقرأ بالرفع والنصب, فمن رفع فكأنه أرادَ وحسبوا أَنْ لا تكون لما استقر تقديرهم فصار عندهم بمنزلة اليقين وهذا مذهب مشايخنا٣.

وقد حكي عن المازني نحو منه ثم يتسعون فيحملون "رجوتُ" على علمتُ إذا استقر عندهم الرجاء وهذا أبعدها.

وحكي عن أبي العباس ولستُ أحفظهُ من قوله, أنه إن سُئلَ عن "أَنْ" الخفيفة المفتوحة ومواضعها قال: "أنْ" الخفيفة المفتوحة أصلها أَنَّ المفتوحة الثقيلة في جميع أحوالها، وإنها مفتوحة كما انفتحت أَنَّ المعمول فيها كأنما خففت أنَّ فصارت أنْ مخففة, فلها في الكلام موضعان: أحدهما تقع فيه على


١ انظر الكتاب ١/ ٤٦٦.
٢ المائدة: ٧١ "والقراءتان برفع الفعل ونصبه من السبعة". غيث النفع/ ٨٦, والنشر ٢/ ٢٥٥.
٣ انظر المقتضب ٢/ ٣٢ و٣/ ٧-٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>