للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء والأخبار, والآخر: تقع فيه على الأفعال المضارعة للأسماء. فأما كون وقوعها على الأسماء والأخبار, فإن ذلك لها إذا دخلت محل "أَنَّ" الثقيلة أعني: في التأكيد للابتداء والخبر, فإذا كانت بهذه المنزلة لم يقع عليها إلا فعل واجب وكانت مؤكدة لما تدخل عليه, وأما كون وقوعها على الأفعال المضارعة فلأنَّ العامل فيها غير واجب ولا واقع، وإنما يترجى كونه ووقوعه فإذا وجدت العامل فيها واجبًا على "أن" ففتحتها وأوقعتها على المضمر وجعلته اسمًا لها. وأما قولهم: أما أَن جزاكَ الله خيرًا، أو أما أنْ يغفر الله لكَ, قال سيبويه: إنما جاز لأنه دعاءٌ وقال: سمعناهم يحذفونَ إنَّ المكسورة في هذا الموضع، ولا يجوز حذفها في غيره. يقولون: أما إنْ جزاكَ الله خيرًا١، وهذا على إضمار الهاء في المحذوفة وقال: يجوزُ ما علمتُ إلا أنْ تأتيهُ إذا أردت معنى الإِشارة، لا أنكَ علمتَ ذلك وتيقنتهُ٢, والمبتدأ وخبره بعد "أَن" يحسنُ بلا تعويض تقول: قَد علمتُ أَن عمرو ذاهبٌ وأَنت تريدُ "أَنهُ" ويجوز: كتبتُ إليه أن لا تقلْ ذاكَ، وأَن ترفعَ "تقولُ" وأنْ تنصب, فالجزم على النهي، والنصبُ على "لئلا", والرفعُ على "لأنَكَ لا تقول" أو بأنَّكَ لا تقول وقد تكون أَنْ بمنزلة لام القسم في قول الله: {أنْ لَوْ فَعَلَ} وتوكيدًا في قوله: لَما أَن فَعَلَ.

ومن الحروف "مَا" وهي تكونُ نفي هو يفعلُ إذا كان في الحال وتكونُ كلَيْسَ في لغة أهل الحجاز٣, وتكون توكيدًا لغوًا٤ تغيرُ الحرفَ عن عمله نحو: إنما وكأَنما ولعلما جعلتهنَّ بمنزلة حروف الابتداء، ومن [ذلك] ٥ حيثما


١ انظر الكتاب ١/ ٤٨٢.
٢ انظر الكتاب ١/ ٤٨٢.
٣ في الكتاب ١/ ٢٨ "وأما أهل الحجاز فيشبهونها بليس، إذ كان معناها كمعناها".
وانظر الخصائص ١/ ١٢٥, وأمالي ابن الشجري ٢/ ٢٦٠, والإنصاف/ ١٠٧.
٤ قال المبرد في المقتضب ٢/ ٥٤: "فما" تدخل على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة للتوكيد فلا يتغير الكلام بها عن عمل ولا معنى.
٥ أضفت كلمة "ذلك" لإيضاح المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>