للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارت بمجيء "ما" بمنزلة "إنْ" التي للجزاء وما في "لمَّا" مغيرة عن حال لم كما غيرت "لو ما" ألا ترى أنك تقول: "لمَّا" ولا تتبعها شيئًا, ومنها "لا" وهي نفي لقوله يَفْعل ولم يقع الفعلُ، وتكون "كما" في التوكيد واللغو في قوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ١ وهو لأن يعلم ولا تكون توكيدًا إلا في الموضع الذي لا يلتبس فيه الإِيجاب بالنفي من أجل المعنى. وقد تغير الشيء عن حاله كما تفعلُ "مَا" وذلك قولك: "لولا" غيرت معنى لَو وستبين إذا ذكرنا معنى "لو" وكذلك هَلا صيرتْ "لا" هل في معنى آخر، وتكون ضدا لنَعَمْ وَبَلى, ومنها "لوْ" وهو كان التي للجزاء لأَنَّ إنْ توقع الثاني مِنْ أجل وقوع الأول، ولم تمنع الثاني من أجل امتناع الأول تقول: إنْ جئتني أكرمتك فالإِكرامُ إنما يكون متى إذا كان منك مجيءٌ وتقول: لو جئتني لأكرمتُكَ، والمعنى: أنه امتنع إكرامي من أجل امتناع مجيئك. وقال سيبويه: "لو" لما كان سيقع لوقوع غيره٢، وهو يرجع إلى هذا المعنى؛ لأنه لم يقع الأول لَمْ يقع الثاني, فتقدير إنْ قبل "لَو" تقول: إنْ أتيتني أَتيتكَ, يريد فيما يستقبل, فإذا لم تفعلْ وطالبتكَ بالإِتيان قلت: لو أتيتني أَتيتُكَ. ومنها "لَولا" وهي مركبة مِنْ معنى إنْ ولَو, وتبتدأ بعدها الأسماء وذلك أنها تمنع الثاني لوجود الأول, تقول: لَولا زيدٌ لهَلكنا تريدُ: لولا زيدٌ في هذا المكان لهلكنا, وإنما امتنع الهلاك لوجود زيدٍ في المكان وقال عز وجل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ٣ وقد يستعملونها بمعنى هَلا يولونها الفعل، ومنها "كي" وهي جواب لقوله: كيمه, كما تقول: لِمه٤. ومنها "بَلْ" وهي لترك شيءٍ من الكلام وأخذٍ في غيره. ومنها "قَدْ" وهي جوابٌ لقوله: لمَّا يفعلْ, وزعم الخليل: أَنَّ هذا لقومٍ


١ الحديد: ٢٩، قال سيبويه ١/ ٣٠٦: وأما "لا" فتكون "كما" في التوكيد واللغو. وذكر الآية وقال: وتكون لا نفيًا لقوله: يفعل ولم يقع فتقول: لا يفعل.
٢ انظر الكتاب ٢/ ٣٠٧.
٣ سبأ: ٣١.
٤ قال سيبويه ٢/ ٣٠٦: وأما "كي" فجواب لقوله: كيمه، كما يقول: لمه فتقول: ليفعل كذا وكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>