للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَا وأي، يستعملن بمعنى "الذي" فيوصلن كما توصل، ولكن لا يجوز أن "يوصفَ بهن"١ كما وصف "بالذي" لأنها أسماءٌ لمعانٍ تلزمها, ولهن تصرفٌ غير تصرف "الذي" لأنهن يكنَّ استفهامًا وجزاء, وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم والألفُ واللام تستعمل في موضع "الذي"٢ في الوصف ولكنها لا تدخل إلا على اسم, فلما كان ذلك من شأنها وأرادوا أن يصلوها بالفعل نقلوا الفعْلَ إلى اسم الفاعل, والفعل يريدون فيقولون في موضع "الذي قامَ" القائم [فالألفُ] ٣ واللام قد صارتا اسمًا وزال المعنى الذي كان له واسمُ الفاعلِ ههنا فِعلٌ وذاكَ يرادُ بهِ, أَلاَ تَرى أنهُ لا يجوز أن تقول: "هذا ضَاربٌ زيدًا أَمسِ" حتى تضيف, ويجوز أن تقولَ: "هَذا الضاربُ زيدًا أمسِ" لأنك تنوي "بالضاربِ" الذي ضربَ, ومتى لم تنو بالألف واللام "الذي" لم يجز أن تعمل ما دخلت عليه, وصار بمنزلة سائر الأسماء إلا أن الفاعل هنا إعرابُه إعراب "الذي" بغير صلةٍ؛ لأنه لا يمكن فيه غير ذلكَ, وكان الأخفش يقول: "إنَّ زيدًا" في قولك: "الضارب زيدًا أَمسِ" منصوبٌ انتصابَ: الحسَنِ وجهًا٤، وأنه إنما نصب لأنه جاء بعد تمام الاسم. وقال٥ أبو بكر: ليس عندي كَما قَالَ؛ لأن الأسماءَ التي تنتصبُ عن تمام الاسم إنما يكنَّ نكراتٍ, والحَسَنُ وما أشبههُ قد قال سيبويه: إنه مشبه باسم الفاعلِ٦، وقد ذكرنا ذَا فيما تقدم.


١ يوصف بهن، ساقط من "ب".
٢ قال سيبويه ١/ ٩٣: "هذا باب صار الفاعل فيه بمنزلة الذي فعل في المعنى وما يعمل فيه، وذلك قولك: هذا الضارب زيدًا، في معنى: هذا الذي ضرب زيدًا، وعمل علمه؛ لأن الألف واللام منعتا الإضافة وصارتا بمنزلة التنوين".
٣ زيادة من "ب".
٤ منصوب على التمييز، انظر التذييل والتكميل لأبي حيان ١/ ٣٧٨، وشرح الإيضاح للرهاوي ١/ ٥٠.
٥ في "ب" قال، بإسقاط الواو.
٦ انظر الكتاب ١/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>