للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرًا قد١ صار كأنه من سببه إن وقع عليهما فِعْلٌ واحدٌ, كما تقول: مررتُ برجلٍ ذاهبٍ أبوهُ أو٢ عمرو, ولو قلت: أو ذاهبٌ عمرٌو لم يجز؛ لأنهما لم يجتمعا في فِعْلٍ واحدٍ فيصير عمرٌو إذا جعلت لهُ فعلًا على حدته٣ كأنك قلت: مررتُ برجلٍ ذاهبٌ عمرٌو وكذلك لا يجوز: الضاربه أنا والضاربُ زيدًا عمرٌو [قال أبو بكر] ٤: لأنه قد انفصل من العامل الذي في صلة الضاربِ, وإذا قلت: ضربتُ أو شتمتُ عمرًا فأخبرت عن "عمرٍو" قلت: "الذي ضربتُ أو شتمتُ عمرٌو" تريد: "الذي ضربتهُ أو شتمتهُ عمرٌو" فالفعلانِ داخلانِ في الصلة، فإن٥ قلتهُ بالألف واللام احتجتَ أن تقول: الضاربه أنا والشاتمه أنا عمرٌو, فأخرجتَ ما كان في صلة "الذي" عنها؛ لأنه لا بد من ألف ولامٍ أخرى حتى يصير فاعلٌ بمعنى الفعل, وهذا لا يجوز, ومعنى الكلام أيضًا يتغير لأنك إذا قلت: "الذي ضربتُ أو شتمتُ عمرٌو" فالشك واقع في الفعلين, وإذا قلت: "الضاربهُ أنا أو الشاتمهُ أنا عمرٌو" فالشك في الاسمين, فإن قلت: ضربتُ زيدًا أو شتمتُ عمرًا لم يجز أن تخبر عن زيدٍ إلا أن تضمر في الجملة الثانية ما يرجعُ إلى "زيدٍ" فتقول: "الذي ضربتُ أو شتمتُ عمرًا من أجله أو لهُ زيدٌ".

واعلم: أنه قد جاء في العطف أشياء مخالفةٌ للقياس, فمن ذلك قولك: "مررت برجلٍ قائمٍ أبواه, لا قاعدين" فقولك: "لا قاعدينِ" معطوفٌ على "قائمٍ" وليس في قولك: "قاعدينِ" شيءٌ يرجعُ إلى رجلٍ, [كما كان في قولك: قائمٌ أبواهُ, ضميرٌ يرجع إلى "رجل"٦] فجاز هذا في المعطوف على


١ "قد" ساقط في "ب".
٢ في "ب" وعمرو.
٣ في "ب" حده.
٤ زيادة من "ب".
٥ في "ب" فإذا.
٦ ما بين القوسين ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>