للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المازني: وقد قال قوم من أهل العلم: نجيزُ هذا في الألف واللام، ولا نجيزهُ في "الذي"؛ لأن الألف واللام ليستا على القياس و"الذي" لا بد في صلته من ضميره, وقال هؤلاء: ألا ترى أنك تقول: "نِعْمَ الذاهبُ زيدٌ, ونِعْمَ القائمُ أبوهُ زيدٌ, ونِعْمَ الضارب زيدًا عمرٌو" ولا تقول: "نِعْمَ الذي ذهبَ زيدٌ" ألا تَرى أن الألفَ واللامَ قد دخلتا مدخلًا لا يدخلهُ "الذي" وكذلك١ جاز: مررتُ بهندٍ القائمِ أبواها لا القاعدينِ، ولم يجز: "مررتُ بهندٍ القائم أبواها لا٢ اللذينِ قَعَدا" وقال الآخرون: نجيزهُ "بالذي" معطوفًا ونجعل صلتهُ على المعنى, كما قلنا: أنا الذي قمتُ, وأنت الذي قمتَ, وأنا الذي ضربتُكَ فحملناهُ على المعنى فكان الحملُ على المعنى في العطف أقوى، إذ كان يكون ذلك في هذا وليس معطوفًا؛ لأنّا قد رأينا أشياء تكون في العطف فلا تكون في غيره، فإذا كانت صلةُ "الذي" جائزة أن تحمل على المعنى غير معطوفةٍ فهي معطوفةٌ أشد احتمالًا, فأجازوا هذا الباب على ما ذكرتُ لك. قال المازني: وهو عندي جائزٌ على المعنى كما تقول: "اللذانِ قامَ وقعدَ أخواك" فتجعل الضمير الذي في "قام وقعد" يرجع إلى "اللذينِ" على معناهما لا على لفظِهما. ومما جاءَ في الشعر في صلة الذي محمولًا على معناه لا على لفظه:

وأَنَا الَّذِي قَتَّلتُ بَكْرًا بالقَنَا ... وتَرَكْتُ تَغْلِبَ غَيْرَ ذَاتِ سَنَامِ٣

ولو حمله على لفظه لقال٤: "قَتَل" قال: وليس كل كلام يحتمل٥ أن


١ في "ب" فكذلك.
٢ في "ب" إلا، ولا معنى لها ههنا.
٣ الشاهد فيه "قتَّلت" والكثير: قتل, والقنا: جمع قناة، يكتب بالألف؛ لأنك تقول في جمعه: قنوات, والبيت للمهلهل بن ربيعة. وانظر: المقتضب ٤/ ١٣٢, والمقصور والممدود لابن ولاد ٨٨, والأبيات المشكلة للفارقي/ ٢٣٨, وشرح السيرافي ٣/ ١٣٦.
٤ في "ب" قال.
٥ في "ب" محتملًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>