للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب١ أنَّ بعض من يوثق بعربيته من العرب يقول: "هذا رامي وغازي وعَمِي" يعني في الوقف والحذف فيما فيه تنوين أجود, فإن لم يكن في موضع تنوين فإن البيان أجود في الوقف, وذلك قولك: هذا القاضِي والعاصِي, وهذا العَمِي لأنها ثابتة في الوصل, ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام, كأنهم أدخلوا الألف واللام بعد أن وجب الحذف فيقولون: "هذا القاض والعاص" هذا في الرفع والخفضِ, فأما النصب فليس فيه إلا البيان؛ لأنها ثابتة في الوصل, تقول: رأيتُ قاضيًا ورأيتُ القاضي٢، وقال الله٣ عز وجل: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} ٤ وتقول: رأيت جواريَ, وهُنَّ جوارٍ يا فَتى في الوصل, ومررتُ بجوارٍ, فالياء كياء "قاضي" والياء الزائدة ههنا كالأصلية نحو ياءِ ثَمانٍ ورباع إذا كان يلحقها التنوين في الوصل. قال سيبويه٥: وسألت الخليلَ عن "القاضي" في النداء, فقال: "اختر يا قاضي" لأنه ليس بمنون كما اختار هذا القاضي٦ فأما يونس فقال: "يا قاض"٧ بغير ياء, وقالا في "مُر" وهو اسم من أرى: هذا مُرِي بياء في الوقف كرهوا أن يخلو بالحرف فيجمعوا عليه -لو قالوا:


١ أبو الخطاب وهو المعروف بالأخفش الكبير، واسمه عبد الحميد بن عبد المجيد، والأخافش الثلاثة المشهورون من النحاة, وهم: أبو الخطاب وسعيدة بن مسعدة وعلي بن سليمان, أخذ النحو عن أبي عمرو بن العلاء, مات ولم تعرف سنة وفاته.
ترجمته في أخبار النحويين ٣٧, ومراتب النحويين ٢٣, وطبقات الزبيدي ٣٥, وإنباه الرواة ٢/ ١٥٧.
٢ لأنه لما تحركت الياء أشبهت غير المعتلّ.
٣ في "ب" تبارك وتعالى.
٤ القيامة: ٢٦.
٥ انظر الكتاب ٢/ ٢٨٩.
٦ انظر الكتاب ٢/ ٢٨٩.
٧ قال سيبويه ٢/ ٢٨٩: "وقول يونس أقوى؛ لأنه لما كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النداء أجدر، لأن النداء موضع حذف، يحذفون التنوين ويقولون: يا حار، ويا صاح، ويا غلام أقبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>