للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ظهرت فما تخفى على أحدٍ ... إلا على أحدٍ لا يعرف القمرا

فقد فسر هذا البيت على ضربين:

أحدهما: أن يكون "أحد" في معنى واحد كأنه قال: إلا على واحد لا يعرف القمرا, فأحد هذه هي التي تقع في قولك/٧٠: أحد وعشرون وتكون على قولك "أحد" التي تقع في النفي فتجريه في هذا الموضع على الحكاية لتقديم ذكره إياه, ونظير ذلك أن يقول القائل: أما في الدار أحد, فتقول مجيبًا بلى, وأحد, إنما هو حكاية للفظ ورد عليه, وتقول: ما كان رجل صالح مشبه زيدًا في الدار, إذا جعلت في الدار خبرًا, ومعنى هذا الكلام أن زيدًا صالح فمشبهه مثله. فإن نصبت "مشبهًا" فقد ذممت زيدًا أو أخبرت أن ما كان صالحًا غير تشبيه. فإذا قلت: ما كان أحد مثلك, وما كان مثلك أحد فكلها نكرات لأن "مثل وشبه" يكن نكرات, وإن أَضفن إلى المعارف لأنهن لا يخصصن شيئًا بعينه لأن الأشياء تتشابه من وجوه, وتتنافى من وجوه, فإن أردت "بمثلك" المعروف "بشبهك" خاصة كان معرفة كأخيك. وتقول: ما كان في الدار أحد مثل زيد, إذا جعلت "في الدار" الخبر, وإن جعلت "في الدار" لغوًا نصبت المثل/ ٧١ قال الله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} ١.


١ الإخلاص: ٤.
والآية: تكلم عنها سيبويه في ١/ ٢٧، فقال: وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير، والإلغاء، والاستقرار عربي جيد كثير فمن ذلك قوله عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} وأهل الجفاء من العرب يقولون: ولم يكن كفوا له أحد "كأنهم أخروها حيث كانت غير مستقر" وفي البحر المحيط ١/ ٥٢٨-٥٢٩ وقال مكي: سيبويه يختار أن يكون الظرف خبرا إذا قدمه وقد خطأه المبرد بهذه الآية، لأنه قدم الظرف ولم يجعله خبرا، انظر المقتضب ٤/ ٩٠، والجواب أن سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف إذا تقدم وإنما أجاز أن يكون خبرا وألا يكون خبرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>