للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَانْ رَأَتْ رَجُلًا أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ ...

فلو لم يكن بزنتها محققة لانكسر البيت, وأما أهل الحجاز١ فيخففون الهمزتين لأنه لو لم يكن إلا واحدة لخففت, فتقول: اقرأ آية في قول من خفف الأولى؛ لأن الهمزة الساكنة إذا خففت أبدلت بحركة ما قبلها, ومن حقق الأولى قال: اقْر آية ويقولون: اقْرِي مثل: اقر آية؛ لأنه خفف همزة متحركة قبلها حرف ساكن, وأما أهل الحجاز٢ فيقولون: اقرأ آيةً ويقولون: أَقرِي باكَ السلام, يبدلون الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها, ويحذفون الثانية لسكون ما قبلها, ومن العرب ناس٣ يدخلون بين ألف الاستفهام وبين الهمزة ألفًا إذا التقتا؛ وذلك لأنهم كرهوا التقاء الهمزتين ففصلوا كما قالوا: اخشينانِ٤، فهؤلاء أهل التحقيق، وأما أهل الحجاز فمنهم من يقول: آإنكَ وآأنتَ وهي التي يختار [أبو عمرو] ٥ ويدخلون بين الهمزتين ألفًا ويجعلون الثانية بينَ بين كما يخفف بنو تميم في التقاء الهمزتين, وكرهوا الهمزة التي هي بينَ بين مع الأول كما كرهوا معها المخففة, وأما الذين لا يخففون الهمزة فيحققونهما جميعًا ويدخلون٦ بينها ألفًا, وإن جاءت ألف الاستفهام وليس قبلها شيء لم يكن من تحقيقها بد وخففوا الثانية, واعلم: أن الهمزة التي يحقق أمثالها أهل التحقيق من بني تميم وأهل الحجاز وتُجعل في لغة أهل التخفيف بينَ بين, قد تبدل مكانها الألف إذا كان ما قبلها مفتوحًا والياء إذا كان ما قبلها مكسورًا, ياء مكسورة, وليس هذا بقياس مطرد، وإنما يحفظ عن العرب٧ حفظًا، فمن ذلك قولهم


١ انظر الكتاب ٢/ ١٦٧-١٦٨.
٢ انظر الكتاب ٢/ ١٦٨.
٣ انظر الكتاب ٢/ ١٦٨.
٤ فصلوا هنا بالألف كراهية التقاء هذه الحروف المضاعفة.
٥ أبو عمرو، زيادة من الكتاب ٢/ ١٦٨ يقتضيها المعنى.
٦ في سيبويه ٢/ ١٦٨: "ولا يدخلون"، وأظنها أصح من عبارة: "ويدخلون".
٧ انظر الكتاب ٢/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>