للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله وسلم عليه بقوله: "يؤم القوم أقرؤهم" إلى آخر الحديث إنما الشأن فيمن يلعب به الشيطان في الوسوسة المفضية إلى إساءة الظن بأئمة الصلاة المتبعين للسنة فيوقع في قلبه العداوة لكل واحد منهم بمجرد خيالات مختلة وضلالات مضلة فيقول له هذا العالم لا يصلح للإمامة لكونه كذا وهذا الفاضل لا يصلح لها لكونه كذا, ثم ينقله من درجة إلى درجة ومن واحد إلى واحد حتى لا يجد على ظهر البسيطة من يصلح لإمامة الصلاة فهذا مخدوع قد لعب به الشيطان كيف يشاء حتى أحرمه١ فضيلة الجماعة التي هي من أعظم شعائر الإسلام وأجل أسباب الأجور, ومع هذا فهو قد أوقعه في ورطة أخرى وهي حمل جميع المسلمين على غير السلامة فصار ظالما لكل واحد منهم مظلمة يستوفيها منه بين يدي الجبار, وقد ينضم إلى هذه المصائب أن هذا الذي صار في يد الشيطان يلعب به كيف يشاء قد يعتقد الفضل في نفسه وأن الإمامة لم تكن تصلح إلا له ولم يكن يصلح إلا لها فيجتنب الجماعة ولا يقتدي بأحد من المسلمين بل يجمع له جماعة يكون إمامهم فهو أسقى ممن قبله لأنه اعتقد أنه لم يبق في أرض الله من عباده الصلحاء سواه فلا حياه الله ولا بياه.

"ويؤم الرجل بالنساء لا العكس" لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما أنه صف هو واليتيم وراء النبي صلى الله وسلم عليه والعجوز من ورائهم وقد أخرج الإسماعيلي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله وسلم عليه إذا رجع من المسجد صلى بنا وقد كانت النساء يصلين خلفه صلى الله وسلم عليه في مسجده وليس في صلاة النساء خلف الرجل مع الرجال نزاع وإنما الخلاف في صلاة الرجل بالنساء فقط, ومن زعم أن ذلك لا يصح فعليه الدليل, وأما عدم صحة إمامة المرأة بالرجل فلأنها عورة وناقصة عقل ودين و {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} "ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" كما ثبت في الصحيح ومن ائتم بالمرأة فقد ولاها أمر صلاته. "والمفترض بالمتنفل والعكس" لحديث معاذ أنه كان يؤم قومه بعد أن يصلي تلك الصلاة بعد النبي صلى الله وسلم عليه وهو في الصحيحين وغيرهما وهذا دليل على جواز ذلك لأنه كان متنفلا وهم مفترضون لما في بعض الروايات من تصريح معاذ بأنه كان يصلي بقومه متنفلا وهذه الزيادة المصرحة بالمطلوب وإن كان فيها مقال معروف لكنها معتضدة بما عرف من


١ حرمه الشيء من باب ضرب منعه منه وتعدى لمفعولين قال في المصباح: وأحرمته لغة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>