للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثلاث وما زاد على ذلك بحجة نيرة وغاية ما جاءوا به حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم" وفي رواية: "يوما وليلة" وفي رواية: "بريدا" وليس في هذا الحديث ذكر القصر ولا هو في سياقه والاحتجاج به مجرد تخمين وأحسن ما ورد في التقدير ما رواه شعبة عن يحيى بن زيد الهنائي, قال: سألت أنسا عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين والشك في شعبة. أخرجه مسلم وغيره فإن قلت: محل الدليل في نهي المرأة عن السفر تلك المسافة بدون محرم هو كونه صلى الله عليه وسلم سمى ذلك سفرا. قلت: تسميته سفرا لا تنافي تسمية ما دونه سفرا فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم مسافة الثلاث سفرا كما سمى مسافة البريد سفرا في ذلك الحديث باعتبار اختلاف الرواية وتسمية البريد سفرا لا ينافي تسمية ما دونه سفرا, فإن قلت أخرج الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان١". قلت: هو ضعيف لا تقوم به الحجة فإن في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر وهو متروك٢. قال الماتن وفي المسألة مذاهب هذا أرجحها لدي, وقال أبو حنيفة: مسيرة ثلاثة أيام وفي العالمكيرية الصحيح أنه لا يشترط سير كل اليوم إلى الليل فلو بكر في كل يوم ومشى إلى الزوال ثم نزل يصير مسافرا, وقال الشافعي أربعة برد وقال مالك وذلك أحب ما سمعت يقصر فيه الصلاة إلي وتفسيرها ستة عشر فرسخا ويتجه على هذا أن قولهما متقاربان قال الأوزاعي: عامة الفقهاء يقولون مسيرة يوم تام وإنما يحل القصر إذا خرج من بيوت القرية. قال العلماء: إذا جاوز عمران المصر قصر. أقول مسألة أقل السفر قد اضطربت فيها الأقوال وطال فيها النزاع وتشعبت فيها المذاهب وليس في ذلك شيء يستند إليه إلا مجرد قول الرواة قصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كذا من دون بيان لمقدار يرجع إليه, وأصرح ما في ذلك ما قاله بعض الرواة أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يقصر إذا سافر ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ هكذا على الشك مع أنه


١ بضم العين وإسكان المهملتين على مرحلتين من مكة.
٢ وقد كذبه الثوري.

<<  <  ج: ص:  >  >>