للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يين مقدار المسافة التي هي انتهاء سفره وغاية ما وقع التعويل عليه أحاديث لا يحل لامرأة كما تقدمت والمعمول عليه ههنا رواية البريد لأن ما فوقها يعتبر فيه ذلك بفحوى الخطاب لكن لا ملازمة بين اعتبار المحرم للمرأة وبين وجوب القصر على غيرها من المسافرين لأن علة مشروعية المحرم غير علة مشروعية القصر فلم يبق في المسألة ما يصلح للاستناد إليه فوجب الرجوع إلى ما يصدق عليه مسمى الضرب في الأرض على وجه يخالف ما يفعله المقيم من ذلك وهو يصدق على من أراد سفرا زائدا على الميل لا ما كان ميلا فما دون فقد يتردد المقيم في الجوانب المقاربة لبلد إقامته وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يخرج إلى البقيع لزيارة الأموات ولا يقصر وإن كان هذا لا يتم الاحتجاج به إلا بعد تسلم أنه خرج إلى هنالك وحضر وقت الصلاة فصلى تماما وهو ممنوع فالتعويل في استثناء الميل هو ما قدمنا وفيه ما فيه لولا أنه أوجب الرجوع إليه البقاء على الأصل والفرار من التحكمات التي لا ترجع إلى شيء كما يقوله بعض أهل العلم إن مسافة القصر ما بين الشام والعراق ونحو ذلك. فالحاصل: أن الواجب الرجوع إلى ما يصدق عليه اسم السفر شرعا أو لغة أو عرفا لأهل الشرع فما كان ضربا في الأرض يصدق عليه أنه سفر وجب فيه القصر, وأما ما رواه سعيد بن منصور: أنه كان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة فهو أيضا لا ينفي السفر فيما دون ذلك, وإذا أقام ببلد مترددا قصر إلى عشرين يوما ثم يتم وجهه أن من حط رحله بدار إقامة فقد ذهب عنه حكم السفر وفارقته المشقة فلولا أن الشارع سمى من أقام كذلك مسافرا فقال: "أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر" لما كان حكم السفر ثابتا له فالواجب الاقتصار في القصر مع الإقامة على المقدار الذي سوغه الشارع, وما زاد عليه فللمسافر حكم المقيم يجب عليه أن يتم صلاته لأنه مقيم لا مسافر وقد أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة في غزوة الفتح قيل ثماني عشرة ليلة وقيل تسع عشرة ليلة وقيل أقل من ذلك وفي صحيح البخاري وغيره تسع عشرة ليلة وأخرج أحمد وأبو داود من حديث جابر قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة. وأخرجه أيضا ابن حبان والبيهقي وصححه ابن حزم والنووي فوجب علينا أن نقتصر

<<  <  ج: ص:  >  >>