أيام وهو عازم على الخروج أتم إلا أن يكون في خوف أو حرب فيقصر, وقد قصر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عام الفتح بحرب هوازن تسعة عشر أو ثمانية عشر يوما, وله قول آخر موافق للجمهور. قال الماتن: واعلم أن هذه الثلاثة الأبحاث المذكورة في هذا الباب هي من المعارك التي تتبلد عندها الأذهان وقد اضطربت فيها المذاهب اضطراباً شديداً وتباينت فيها الأنظار تباينا زائدا انتهى.
"وله الجمع تقديما وتأخيرا" وجهه ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب". وأخرج أحمد وأبو دواد والترمذي وابن حبان والحاكم والدارقطني وحسنه الترمذي من حديث معاذ أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار". وأخرج أحمد من حديث ابن عباس نحوه وزاد المغرب والعشاء وأخرجه أيضا البيهقي والدارقطني وصحح إسناده ابن العربي وتُعقِّب بأن في إسناده من لا يحتج بحديثه, وللحديثين طرق يقوي بعضها بعضا وليس فيها من المقال ما يبطل الاحتجاج بمجموعها, ومن الجمع بين المغرب والعشاء حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان إذا جد به السير أخر المغرب حتى يغيب الشفق ثم يجمع بينها وبين العشاء. قال ابن القيم: وكل هذه سنن في غاية الصحة والصراحة ولا معارض لها فرُدّت بأنها أخبار آحاد وأوقات الصلوات ثابتة بالتواتر لحديث إمامة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم, وقوله للسائل عن المواقيت وهذه أحاديث محكمة صحيحة صريحة في تفصيل الأوقات مجمع عليها بين الأمة وأحاديث الجمع غير صريحة لجواز أن يكون المراد بها الجمع في الفعل وفي الوقت فكيف يترك المبين للمجمل. والجواب أن يقال: الجميع حق والذي وقت هذه المواقيت وبينها بفعله وقوله هو الذي شرع الجمع بقوله وفعله فلا يؤخذ ببعض السنة ويترك بعضها. فأحاديث الجمع مع أحاديث الأفراد بمنزلة أحاديث الأعذار والضرورات مع أحاديث