للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غسل الموتى بمنزلة غسل الأحياء وليحصل إكرام هذه الأعضاء, ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم عطية هذا: "ابدأن بميامنها ومواضع الضوء منها" قال ابن القيم: السنة الصحيحة الصريحة في ضفر رأس الميت ثلاث ضفائر كقوله في الصحيحين في غسل ابنته: "اجعلوا رأسها ثلاثة قرون" قالت أم عطية: ضفرنا رأسها وناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون وألقيناه من خلفها. فرد ذلك بأنه يشبه زينة الدنيا وإنما يرسل شعرها شقتين على ثديها وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بالاتباع ١هـ. "ولا يغسل الشهيد" بل يدفن في ثيابه ودمائه تنويها بما فعل وليتمثل صورة بقاء عمله بادي الرأي وهذا هو الحق لما ثبت في شهداء أحد أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا وهو في الصحيح, وما قيل بأن الترك إنما كان لكثرة القتلى وضيق الحال فمردود بما عند أحمد في هذا الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في قتلى أحد: "لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة" وأخرج أبو داود عن جابر قال: رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده على شرط مسلم, وعن ابن عباس عند أبي داود وابن ماجة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم. وفي إسناده علي بن عاصم الواسطي وقد تكلم فيه جماعة وفيه أيضا عطاء بن السائب وفيه مقال وفي الباب أحاديث. وبالجملة: فقد جرت السنة في الشهيد أن لا يغسل ولم يرو أنه غسل شهيدا وبه قال الجمهور, وأما من أطلق عليه اسم الشهيد كالمطعون والمبطون والنفساء ونحوهم فقد حكى في البحر الإجماع على أنهم يغسلون.

فصل "ويجب تكفينه" الأصل في التكفين التشبه بحال النائم المسجى بثوبه, أكمله في الرجل إزار وقميص وملحفة أو حلة, وفي المرأة هذه مع زيادة ما لأنها يناسبها زيادة الستر. بما يستره لأمره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بإحسان الكفن كما في حديث: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" وهو في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي قتادة والكفن الذي لا يستر ليس بحسن. "ولو لم يملك غيره" أي الكفن لأمره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بتكفين مصعب بن عمير في النمرة١ التي لم يترك غيرهما كما في


١ النمرة بفتح النون وكسر الميم شملة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف يلبسها الأعراب قاله في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>