للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ينزع عنهم الحديد والجلود, وقال: "ادفنوهم بدمائهم وثيابهم" وأخرج أحمد من حديث عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال يوم أحد: "زملوهم في ثيابهم". وندب تطييب بدن الميت وكفنه لحديث جابر عند أحمد والبيهقي والبزار بإسناد رجاله رجال الصحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أجمرتم الميت فأجمروه١ ثلاثا" ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المحرم الذي وقصته ناقته: "ولا تمسوه بطيب" وهو في الصحيح من حديث ابن عباس فإن ذلك يشعر أن غير المحرم يطيب ولا سيما مع تعليله صلى الله عليه وسلم بقوله: "فإنه يبعث ملبيا". قال في الحجة: فوجب المصير إليه وإلى هذه النكتة أشار النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها". وأما ما قيل تتبع بالطيب مساجده فلعل وجه ما قاله ابن مسعود ومن بعده تكريم هذه الأعضاء لكون الاعتماد عليها في أشرف طاعات الله وهي الصلاة ولم يرد فيه ذلك من المرفوع شيء ولكنه يحسن لستر ما لعله يظهر من روائح الميت التي يتأذى بها المتولون لتجهيزه.

فصل "وتجب الصلاة على الميت" لأن اجتماع أمة من المؤمنين شافعين للميت له تأثير بليغ في نزول الرحمة عليه, والصلاة على الأموات ثابتة ثبوتا ضروريا من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه ولكنها من واجبات الكفاية, لأنهم قد كانوا يصلون على الأموات في حياته صلى الله عليه وسلم ولا يؤذنونه٢ كما في حديث السوداء التي كانت تقم٣ المسجد فإنه لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد دفنها فقال لهم: "ألا آذنتموني" وهو في الصحيح وامتنع من الصلاة على من عليه دين وأمرهم بأن يصلوا عليه. "ويقوم الإمام حذاء رأس الرجل ووسط المرأة" لحديث أنس بن مالك أنه صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه فلما رفعت أتي بجنازة امرأة فصلى عليها فقام وسطها فسئل عن ذلك وقيل له هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الرجل حيث قمت ومن المرأة حيث قمت قال: نعم أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة ولفظ أبي داود: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة كصلاتك يكبر عليها أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة. قال: نعم وفي الصحيحين من حديث


١ الإجمار التبخير بالبخور.
٢ أي لا يعلمونه.
٣ تقم أي تجمع القمامة وهي الكناسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>