للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه لكن الخلاف لجماعة من العلماء أشهر من نار على علم وكيف خفي على ابن المنذر مذهب أبي حنيفة رح وهو متداول عند جميع أهل المذاهب حتى قال ابن العربي المالكي: إن أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين مذهب أبي حنيفة وهو التمسك بالعموم انتهى. وهذه غفلة من مثل هذا الحافظ ناشئة عن الوسوسة التي قدمنا لك ذكرها فإن الشارع أشفق بفقراء أمته من كل أحد وأي قوة وأحوطية في شيء مخالف لنصه الصريح وكيف يخفى على عالم أن هذه الشفقة التي هي المستندة لهذه المقالة مستلزمة لظلم الأغنياء وأخذ أموالهم بدون طيبة من أنفسهم وأكلها بالباطل وسيوف السلاطين تابعة لأقلام العلماء فإذا أجبروا أهل الأموال على تسليم زكاة دون الخمسة الأوسق استناداً إلى قول من قال بذلك بمجرد الشك والشفقة على الفقراء لا لما يقتضيه الاجتهاد فهم شركاء في هذه المظلمة التي هي محض أكل أموال الناس بالباطل. وما أحسن الوقوف على الحدود الشرعية والمشي على الطريقة النبوية فذلك هو الورع الخالص وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ولا شيء فيما عدا ذلك. قال المجد في الصراط المستقيم ولم يكن من العادة النبوية أخذ الزكاة من الخيل والرقيق والبغال والحمر والبقول والبطيخ والخيار والعسل والفواكه التي لا تدخل المكيال ولا تصلح للادخار إلا الرطب والعنب فإنه كان يأخذ الزكاة منهما لا يفرق بين الرطب واليابس انتهى. كالخضروات وغيرها حديث الخضراوات أخرجه الدارقطني والحاكم والأثرم في سننه أن عطاء بن السائب قال: أراد عبد الله بن المغيرة أن يأخذ صدقة من أرض موسى بن طلحة من الخضراوات فقال له موسى بن طلحة: ليس لك ذلك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يقول: "ليس في ذلك صدقة" وهو مرسل قوي وقد أخرجه الدارقطني والحاكم من حديث إسحق بن يحيى ابن طلحة عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بلفظ: وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. قال الحافظ: وفيه ضعف وانقطاع وروى الترمذي بعضه من حديث موسى بن طلحة عن معاذ وقد رواه ابن عدي من وجه آخر عن أنس والدارقطني من حديث علي ومن حديث محمد بن جحش ومن حديث عائشة,

<<  <  ج: ص:  >  >>