للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه أيضا البيهقي عن علي وعمر موقوفا في طرق حديث الخضراوات مقال لكنه روي من طرق كثيرة يشهد بعضها لبعض فينتهض للاحتجاج به, وإذا انضم إلى ما تقدم في وجوب الزكاة في تلك الأجناس الأربعة أو الخمسة انتهض الجميع للاحتجاج بلا شك ولا شبهة, وقد رويت تلك الروايات بلفظ الحصر على تلك الأجناس كما سبق وكان ذلك هو البيان منه صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل الله تعالى فلا تجب في غير ذلك من النباتات, وقد ذهب إلى ذلك الحسن البصري والحسن بن صالح والثوري والشعبي وأيضا يمكن الجمع بطريق أخرى وهي: أن هذه الأدلة المذكورة هنا مخصصة لعمومات القرآن والسنة وذلك واضح ولا يصح جعل ذلك من باب التنصيص على بعض أفراد العام لما في ذلك من الحصر تارة والنفي لما عدا ما ذُكر أخرى. أقول: العمومات الشاملة للخضراوات كقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وقوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر" قد خُصصت بمخصصات كثيرة منها: حديث الأوساق ومنها: الأحاديث القاضية بأن الزكاة لا تجب إلا في الأربعة الأنواع الشعير والحنطة والتمر والزبيب هذا في الأشياء التي تنبت على وجه الأرض وفيما عداها السوائم الثلاث والذهب والفضة, والواجب بناء العام على الخاص كما هو إجماع من يُعتد به من أهل العلم فلا وجوب فيما عدا هذه الثلاثة الأمور سواء كان من الخضراوات أو غيرها بل قد ورد في الخضراوات بخصوصها ما يدل على عدم وجوب الزكاة فيها من طرق يشهد بعضها لبعض كما أوضح ذلك الماتن في شرح المنتقى فليكن هذا البحث منك على ذُكر فإن الاحتجاج بمثل هذه العمومات قد كثر في أهل العلم مع عدم الالتفات إلى الأدلة الخاصة والذهول عن وجوب بناء العام على الخاص. والحاصل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين للناس ما نُزّل إليهم ففرض على الأمة فرائض في بعض أملاكهم ولم يفرض عليهم في البعض الآخر ومات على ذلك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول فمن زعم أنها تجب الزكاة في غير ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم متمسكا بالعمومات القرآنية كان محجوجا بما ذكرناه هذا على فرض أنه لم يثبت عنه إلا مجرد البيان من دون ما يفيد عدم الوجوب في البعض

<<  <  ج: ص:  >  >>