للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"قاء فأفطر". فإن بعض الحفاظ فسره بأنه استقاء والمراد بالاستقاء تعمد القيء كما صرح به أهل العلم. وتحرم الوصال لنهيهه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في حديث أبي هريرة ابن عمر وعائشة وهو في الصحيحين وغيرهما وفي الباب أحاديث, وعلى من أفطر عمدا كفارة ككفارة الظهار لحديث المجامع في رمضان فإن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال له: "هل تجد ما تعتق رقبة"؟ قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين"؟ قال: لا. قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا"؟ قال: لا. ثم أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: "تصدق بهذا" قال: فهل على أفقر منا فما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا فضحك النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه. وقال: "اذهب فأطعمه أهلك" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وعائشة, وقد قيل إن الكفارة لا تجب على من أفطر عامدا بأي سبب بل بالجماع فقط, ولكن الرجل إنما جامع امرأته فليس في الجماع في نهاية رمضان إلا ما في الأكل والشرب لكون الجميع حلالا لم يحرم إلا لعارض الصوم, وقد وقع في رواية من هذا الحديث: "أن رجلا أفطر" ولم يذكر الجماع١. أقول: إذا ورد ما يدل على وجوب مثل كفارة الظهار وورد ما يدل على أنه يجزئ أقل منها كان ورود الأقل رخصة لمن لا يجد مثل كفارة الظهار وهذا ظاهر لا لبس فيه. "ويُندب تعجيل الفطر وتأخير السحور" لحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" وهو في الصحيحين وغيرهما. وعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر" أخرجه أحمد وفي إسناده سليمان بن عثمان. قال أبو حاتم: مجهول, وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث زيد بن ثابت أنه كان بين تسحره صلى الله عليه وسلم ودخوله في الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية وفي الباب أحاديث كثيرة.

فصل "ويجب على من أفطر لعذر شرعي أن يقضي" كالمسافر


١ إذا صح هذا الحديث فهو مجمل وقد بينته الروايات الأخرى أنه أفطر بالجماع ثم إن قياس الأكل والشرب على الجماع غير صحيح والقياس في العبادات باطل أصلا وليس للقائلين بوجوب الكفارة على المفطر بغير الجماع دليل صحيح والأصل عدم الوجوب إلا بدليل فالحق أن الكفارة لا تجب إلا على من أفطر بالجماع فقط كما ذهب إليه الشافعي وغيره من أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>