للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكم فأفطروا" فكانت عزيمة. ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر. وقد ذهب إلى كون الصوم رخصة في السفر الجمهور, وروي عن بعض الظاهرية وهو محكي عن أبي هريرة أن الفطر في السفر واجب وأن الصوم لا يجزئ والمراد بنحو المسافر الحبلى والمرضع لما أخرجه أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي من حديث أنس بن مالك الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم". ومن مات وعليه صوم صام عنه وليه لحديث عائشة في الصحيحين وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" وقد زاد البزار لفظ: "إن شاء". قال في مجمع الزوائد: وإسناده حسن وبه قال أصحاب الحديث وبعض الشافعية وأبو ثور والأوزاعي وأحمد بن حنبل. قال البيهقي في الخلافيات: هذه السنة ثابتة لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في صحتها, وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجب صوم الولي عن وليه, وقال في الحجة: ولا اختلاف بين قوله صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" وقوله فيه أيضا: "فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا" إذ يجوز أن يكون كل من الأمرين مجزئا. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلاقه وقالت: يصام عنه النذر والفرض وأبت طائفة ذلك وقالت: لا يصام عنه نذر ولا فرض وفصلت طائفة فقالت يصام النذر دون الفرض الأصلي وهذا قول ابن عباس وأصحابه والإمام أحمد وأصحابه وهو الصحيح؛ لأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة فكما لا يصلي أحد عن أحد ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام, وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه وهذا محض الفقه وطرد هذا أنه لا يحج عنه ولا يزكي عنه إلا إذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر. فأما المفطر من غير عذر أصلا فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض الله تعالى التي فرض فيها وكان هو المأثور بها ابتلاء وامتحانا دون الولي فلا ينفع توبة أحد عن أحد ولا إسلامه عنه ولا أداء الصلاة عنه ولا غيرها من فرائض الله تعالى التي فرط فيها حتى مات والله تعالى أعلم. أقول: الظاهر والله أعلم أنه يجب على الولي أن يصوم عن قريبه الميت

<<  <  ج: ص:  >  >>