إذا كان عليه صوم سواء أوصى أو لم يوص كما هو مدلول الحديث ومن زعم خلاف ذلك فليأت بحجة تدفعه١ والكبير العاجز عن الأداء والقضاء يكفر عن كل يوم بإطعام مسكين لحديث سلمة بن الأكوع الثابت في الصحيحين وغيرهما قال: لما نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها وأخرج هذا الحديث أحمد وأبو داود عن معاذ بنحو ما تقدم وزاد: ثم أنزل الله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام وأخرج البخاري عن ابن عباس أنه قال: ليست هذه الآية منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا, وأخرج أبو داود عن ابن عباس أنه قال: أثبتت للحبلى والمرضع أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكينا وأخرج الدارقطني والحاكم وصححاه عن ابن عباس أنه قال: رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه: وهذا أنه قال وهذا من ابن عباس تفسير لما في القرآن مع ما فيه من الإشعار بالرفع فكان ذلك دليلا على أن الكفارة هي إطعام مسكين عن كل يوم. أقول: لم يثبت في الكفارة على من لم يطق الصوم شيء من المرفوع في شيء من كتب الحديث وليس في الكتاب العزيز ما يدل على ذلك لأن قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} إن كانت منسوخة كما ثبت عن سلمة بن الأكوع عند أهل الأمهات كلهم أنها كانت في أول الإسلام فكان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نسختها الآية التي بعدها وهي قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ومثل ذلك روي عن معاذ بن جبل أخرجه أحمد وأبو داود ومثله عن ابن عمر أخرجه البخاري فالمنسوخ ليس بحجة بلا خلاف, وإن كانت محكمة كما رواه أبو داود عن ابن عباس فظاهرها جواز ترك الصوم لمن كان
١ سياق الأحاديث الواردة في الصيام عن الميت يدل على إباحة ذلك للولي برا بالميت لا وجوبا ويقوي هذا الظاهر رواية البزار التي ذكرها الشارح وفيها زيادة: "إن شاء" ولم يرد في شيء من السنة ما يدل على الوجوب فمن ادعاه طولب بالدليل لأن الأصل براءة الذمة وأن المكلف غير ملزم بأداء ما ثبت في ذمة غيره إلا بدليل صريح والله أعلم.