ثم التنعيم ثم الحديبية. وأما الغسل للإحرام ففيه حديث خارجة بن زيد حسنه الترمذي وضعفه العقيلي, وأما حديث جابر في ولادة أسماء وغسلها فهو صحيح ولكنه قد قيل إن أمرها بذلك ليس للإحرام بل لقذر النفاس وكذلك أمره للحائض وقد أخرج الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم اغتسل ولبس ثيابه فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم أحرم بالحج. وفي إسناده يعقوب بن عطاء وهو ضعيف, والحديث محتمل فيمكن أن يكون الغسل للإحرام ويمكن أن يكون لغيره كإذهاب وعثاء السفر أو التبرد أو نحوهما, ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من الناس أن يغتسل للإحرام إلا ما وقع منه الأمر للحائض والنفساء دون غيرهما فدل ذلك على أن اغتسالهما للقذر ولو كان للإحرام لكان غيرهما أولى بذلك منهما فمع الاحتمال في فعله وعدم صدور الأمر منه لا تثبت المشروعية أصلا, وأما إزالة التفث١ قبل الإحرام فلم يرد في هذا شيء يصلح لإثبات مثل هذا الحكم الشرعي وهو الاستحباب, وأما ما قيل من أنه يقاس على تطييبه صلى الله عليه وسلم فقياس فاسد ولا سيما وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم الإرشاد إلى ترك الشعر والبشر بعد رؤية هلال ذي الحجة لمن أراد أن يضحي كما في صحيح مسلم وسائر السنن من حديث أم سلمة, والحاج أولى بهذه السنة من غيره لأنه في شغل شاغل عن ذلك وقد أخرج الترمذي من حديث ابن عمر أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: من الحاج يا رسول الله؟ قال:"الشعث التفل" وقد كان ابن عمر إذا أفطر من رمضان وهو عازم على الحج في ذلك العام لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج كما في الموطإ. والحاصل: أن التساهل في الأحكام الشرعية بلا دليل بل إثبات ما قام الدليل على خلافه ليس من دأب أهل الإنصاف.
فصل ولا يلبس المحرم القميص الفرق بين المخيط وما في معناه وبين غير ذلك أن الأول ارتفاق وتجمل وزينة والثاني ستر عورة وترك الأول تواضع لله وترك الثاني سوء أدب كذا في الحجة. "ولا العمامة ولا البرنس ولا
١ بفتح الثاء والفاء وآخره ثاء مثلثة هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وقيل: هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا قاله في النهاية.