للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هديه" لحديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل بدنة ببضعة١ فجعلت في قدر فطبخت فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها. أخرجه أحمد ومسلم وفي الصحيحين من حديث عائشة أنه دخل عليها يوم النحر بلحم بقر فقالت: ما هذا؟ فقيل نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه. قال النووي: وأجمع العلماء على أن الأكل من هدي التطوع وأضحيته سنة انتهى. والظاهر أنه لا فرق بين هدي التطوع وغيره لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} ويركب عليه أي المهدي على هديه لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يسوق بدنة فقال: "اركبها" فقال: إنها بدنة قال: "اركبها" قال: إنها بدنة. قال: "اركبها" وفيهما نحوه من حديث أبي هريرة وأخرج أحمد ومسلم من حديث جابر أنه سئل عن ركوب الهدي فقال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا". "ويندب له إشعاره وتقليده" لحديث ابن عباس عند مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: قالوا إنها خلاف الأصول إذ الإشعار مثلة ولعمر الله إن هذه السنة خلاف الأصول الباطلة وما ضرها ذلك شيئا والمثلة المحرمة هي العدوان لا يكون عقوبة ولا تعظيما لشعائر الله, فأما شق صفحة سنام البعير المستحب أو الواجب ذبحه ليسيل دمه قليلا فيظهر شعار الإسلام وإقامة هذه السنة التي هي من أحب الأشياء إلى الله وفق الأصول وأي كتاب أو سنة حرم ذلك حتى يكون خلافا للأصول وقياس الإشعار على المثلة المحرمة من أفسد قياس على وجه الأرض, فإن قياس ما يحبه الله ويرضاه على ما يبغضه ويسخطه وينهى عنه ولو لم يكن في حكمة الإشعار إلى تعظيم شعائر الله وإظهارها وعلم الناس بأن هذه قرابين الله عز وجل تساق إلى بيته تذبح له ويتقرب بها إليه عند بيته كما يتقرب إليه بالصلاة إلى بيته عكس ما عليه أعداؤه المشركون الذين يذبحون لأربابهم ويصلون لها, فشرع لأوليائه وأهل توحيده أن يكون نسكهم وصلاتهم لله وحده وأن يظهروا شعائر توحيده غاية الإظهار ليعلو دينه على كل


١ البضعة بفتح الباء لا غير هي قطعة من اللحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>