للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه "وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي سعيد "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن النفخ في الشراب فقال: الرجل القذاة أراها في الشراب فقال: أرقها فقال إني لا أروى من نفس واحد قال: فأبِن القدح إذاً عن فيك" قلت: وعلى هذا أهل العلم والنهي عن التنفس فيه من أجل ما يخاف أن يبرز شئ من ريقه أو مخاطه فيقع في الماء وقد تكون النكهة من بعض من يشرب متغيرة فتتعلق الرائحة بالماء لرقته ولطفه ثم إنه من فعل الدواب إذا كرعت في الأواني كرعت ثم تنفست فيها ثم عادت فشربت فيكون الأحسن في الأدب أن يتنفس بعد إبانة الإناء عن فمه والنفخ فيه يكون لأحد معنيين فإن كان من حرارة الشراب فليصبر حتى يبرد وإن كان من أجل قذى فليمطه بأصبع أو خلال وإن تعذر فليرقها كما جاء في الحديث "وباليمين"لما تقدم في آداب الأكل "ومن قعود"لأن الشرب قاعدا من الهيئات الفاضلة وأقرب لجموم النفس والري وأن تصرف الطبيعة الماء في محله لحديث أبي سعيد عند مسلم وغيره "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما "وأخرج مسلم أيضا من حديث أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقي " ولا يعارض هذا حديث ابن عباس في الصحيحين "أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من ماء زمزم قائما "ولا ما أخرج البخاري وغيره من حديث علي "أنه شرب وهو قائم ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت "ولا ما أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث ابن عمر قال: "كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام "لأنه يمكن الجمع بأن الكراهة للتنزيه وإن كان قوله "فمن نسي فليستقيء " يشعر بعدم الجواز في حق من قصد مخالفة السنة على أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ويخصص القول الشامل له وللأمة فيكون الفعل خاصا به كما تقرر في الأصول قلت: وعليه أكثر أهل العلم رأوا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب

<<  <  ج: ص:  >  >>