وفي صحيح البخاري وغيره من حديث ابن عباس قال:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من السناء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء"وفي الباب أحاديث "ويحرم على الرجال التحلي بالذهب لا بغيره"لما تقدم من الأحاديث الواردة في تحريم الذهب وهو لا يكون إلا حلية إذ لا يمكن لبسه وأما ما يخلط في بعض الثياب بالحرير أو بغيره فهو فضة لا ذهب وإن سماه الناس ذهبا ومن الأدلة على ذلك ما ورد في المنع من خاتم الذهب وما ورد فيمن حلى جيبا له ولو بخر بصيصة١ وقد جمع الماتن رسالة مستقلة في تحريم التحلي بقليل الذهب وكثيره وجمع أيضا رسالة مستقلة في تحلي النساء بالذهب وهل يجوز ذلك أم لا فليرجع إليهما قال المجد في القاموس جربصيصة: أي شئ من الحلي ونحوه في تاج اللغات وفي نهاية الحديث الجربصيصة الهنة التي تتراءى في الرمل لها بصيص كأنها عين جرادة قال في الحجة البالغة: ومن تلك الرؤس الحلي المترفة وهنا أصلان: أحدهما أن الذهب هو الذي يفاخر به العجم ويفضي جريان الرسم بالتحلي به إلى الإكثار من طلب الدنيا دون الفضة ولذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب وقال: "ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها " والثاني أن النساء أحوج إلى التزين ليرغب فيهن أزواجهن ولذلك جرت عادة العرب والعجم جميعا بأن يكون تزينهن أكثر من تزينهم فوجب أن يرخص لهن أكثر مما يرخص لهم ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها وقال صلى الله عليه وسلم في خاتم ذهب في يد رجل: " يعمد أحدكم إلى جمر من نار فيجعله في يده" ورخص عليه السلام في خاتم الفضة لا سيما لذي سلطان وقال: "ولا تتمه مثقالا" ونهى النساء عن غير المقطع من الذهب وهو ما كان قطعة واحدة كبيرة قال: "من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فيحلقه من ذهب" وذكر على هذا الأسلوب الطوق والسوار وكذا جاء التصريح بقلادة من ذهب وسلسلة من ذهب وبين المعنى في هذا الحكم حيث قال:
١الخر بصيصة بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء وفتح الباء وصادين مهملتين بينهما ياء مثناة هي الهنة تتراآي في الرمل بصيص كأنها عين جرادة. والمراد هنا الشئ الحقير من الحلي وقع في الصل بالجيم بدل الخاء وهو خطأ.