للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادًا يقول غير ذلك (١).

حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كنا بحمص، فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل: ما هكذا أنزلت، فقال: قرأت على رسول الله فقال: "أحسنت" ووجد منه ريح الخمر، فقال: أتجترئ أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر؟! فجلده الحد (٢).

حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت (٣) سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحدا أعلم منى تبلغه الإبل لركبت إليه (٤).

وهذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه ما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، كما قال تعالى إخبارا عن يوسف لما قال لصاحب مصر: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٥]، ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله : "استقرئوا القرآن من أربعة"، فبدأ به.

وقال أبو عبيد: حدثنا مصعب بن المقدام عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر عن النبي قال: " من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأه على حرف ابن أم عبد " (٥). وهكذا رواه الإمام أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش به مطولا وفيه قصة (٦) وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث أبي معاوية وصححه الدارقطني (٧) وقد ذكرته في مسند عمر (٨) وفي مسند الإمام أحمد -أيضا-عن أبي هريرة أن رسول الله قال: " ومن أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " (٩) وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود، وكان يعرف بذلك.

ثم قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله ؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبيّ بن كعب، ومعاذ بن


(١) صحيح البخاري برقم (٥٠٠٠).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٠٠١).
(٣) في جـ: "ما نزلت".
(٤) صحيح البخاري برقم (٥٠٠٢).
(٥) فضائل القرآن (ص ٢٢٥).
(٦) المسند (١/ ٢٥، ٢٦).
(٧) سنن الترمذي برقم (١٦٩) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٢٥٦).
(٨) مسند عمر بن الخطاب للمؤلف (ص ١٧١ - ١٧٣) وقال: "وهذا الحديث لا يشك أنه محفوظ، وهذا الاضطراب لا يضر صحته، والله أعلم".
(٩) المسند (٢/ ٤٤٦).