للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الحجرات]

وهي مدنية (١).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)

هذه آداب (٢)، أدب الله بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [وَاتَّقُوا اللَّهَ]) (٣)، أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ، [إذ] (٤) قال له النبي حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله، لما يرضي رسول الله".

وقد رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (٥). فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ): لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.

وقال العَوْفي عنه: نهى (٦) أن يتكلموا بين يدي كلامه.

وقال مجاهد: لا تفتاتوا على رسول الله بشيء، حتى يقضي الله على لسانه.

وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم.

وقال سفيان الثوري: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) بقول ولا فعل.


(١) في أ: "وهي مدنية ثمان عشرة آية".
(٢) في م: "آيات".
(٣) زيادة من م.
(٤) زيادة من ت، وفي أ: "حيث".
(٥) سبق الكلام عليه في مقدمة الكتاب.
(٦) في ت، م، أ: "نهوا".