للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكِبَارُ. وَالْعِصْيَانَ وَهِيَ جَمِيعُ الْمَعَاصِي. وَهَذَا تَدْرِيجٌ لِكَمَالِ النِّعْمَةِ.

وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} أَيِ: الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ هُمُ الرَّاشِدُونَ، الَّذِينَ قَدْ آتَاهُمُ اللَّهُ رُشْدَهُمْ.

قَالَ (١) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ رَفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ (٢) وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ" فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ. اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضل لِمَنْ هَدَيْتَ. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ. وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ. اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ. اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ العَيْلَة، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ. اللَّهُمَّ إِنَّى عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَمِنْ شَرٍّ مَا مَنَعْتَنَا. اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. اللَّهُمَّ، تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ. اللَّهُمَّ، قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ. اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ".

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ مَرْوَان بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عُبَيْد بْنِ رِفاعة، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ (٣) .

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: "مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ" (٤) .

ثُمَّ قَالَ: {فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} أَيْ: هَذَا الْعَطَاءُ (٥) الَّذِي مَنَحَكُمُوهُ هُوَ فَضْلٌ مِنْهُ عَلَيْكُمْ وَنِعْمَةٌ مِنْ لَدُنْهُ، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أَيْ: عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْغَوَايَةَ، حَكِيمٌ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ.

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠) }


(١) في ت: "روى".
(٢) في أ: "الحديبية".
(٣) المسند (٣/٤٢٤) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٤٤٥) .
(٤) رواه أحمد في مسنده (١/١٨) والترمذي في السنن برقم (٢١٦٥) من حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ من هذا الوجه".
(٥) في ت: "القضاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>