للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وهذا التقرير لا يُدفع ولاشك (١) فيه، وقد جمع الحافظ ابن السمعاني في ذلك جزءًا، وقد بسطت تقرير ذلك في كتاب مسند الشيخين، . ومنهم عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة -كما سنذكره-وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقد قدمنا هذا. ومنهم عبد الله بن مسعود، وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت (٢)؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه. ومنهم سالم مولى أبي حذيفة، كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا. ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله (٣) وترجمان القرآن، وقد تقدم عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها. ومنهم عبد الله بن عمرو، كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث ابن جريج عن عبد الله بن أبي مُلَيْكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله فقال: "اقرأه في شهر". وذكر تمام الحديث (٤).

ثم قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عمر: عليٌّ أقضانا، وأُبيّ أقرأنا، وإنا لَنَدع من لحنِ أُبيٍّ، وأُبيّ يقول: أخذته من في رسول الله ، فلا أتركه لشيء قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] (٥).

وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابا وهو خطأ في نفس الأمر؛ ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويرد إلا قول صاحب هذا القبر، أي: فكله مقبول، صلوات الله وسلامه عليه. ثم ذكر البخاري فضل فاتحة الكتاب وغيرها، وسنذكر فضل كل سورة عندها ليكون ذلك أنسب. ثم قال:

[نزول السكينة والملائكة عند القراءة]

وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسيد بن الحضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت (٦) فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: " اقرأ يا بن حضير، اقرأ يا بن حضير". قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظُّلَّة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: "أو تدري (٧) ما ذاك؟ ". قال: لا قال: "الملائكة دَنَتْ لصوتك، ولو قرأت لأصبحت


(١) في ط: "ولا يشك".
(٢) في طـ: "أنزلت".
(٣) في ط: "الرسول".
(٤) سنن النسائي الكبرى برقم (٦٤ ٨٠) وسنن ابن ماجة برقم (١٣٤٦).
(٥) صحيح البخاري برقم (٥٠٠٥).
(٦) في جـ، ط: "فجالت الفرس".
(٧) في ط: "وتدري".