للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جمع القرآن]

قال المؤلف، (١) فائدة جليلة حسنة: ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي لفظ للبخاري عن أنس قال: مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة؛ أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه.

قلت: أبو زيد هذا ليس بمشهور؛ لأنه مات قديما، وقد ذكروه في أهل بدر، وقال بعضهم: سعيد بن عبيد. ومعنى قول أنس: "ولم يجمع القرآن". يعني من الأنصار سوى هؤلاء، وإلا فمن المهاجرين جماعة كانوا يجمعون القرآن كالصديق، وابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم.

قال الشيخ أبو الحسن الأشعري، : قد علم بالاضطرار أن رسول الله قدم أبا بكر في مرض الموت ليصلي بالناس، وقد ثبت في الخبر المتواتر " أن رسول الله قال: "ليؤم القوم أقرؤهم" (٢) فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم لما قدمه عليهم. نقله أبو بكر بن زنجويه في كتاب فضائل الصديق عن الأشعري.

وحكى القرطبي في أوائل تفسيره عن القاضي أبي بكر الباقلاني أنه قال -بعد ذكره حديث أنس بن مالك هذا-: فقد ثبت بالطرق المتواترة أنه جمع القرآن عثمان، وعلي، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو بن العاص. فقول أنس: "لم يجمعه غير أربعة" يحتمل لم يأخذه تلقيا من فِي رسول الله غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض. قال: وقد تظاهرت الروايات بأن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي لأجل سبقهم إلى الإسلام، وإعظام الرسول لهم (٣).

قال القرطبي: لم يذكر القاضي ابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة، وهما ممن جمع القرآن (٤). [نقلت هذه من على ظهر الجزء الأول من أجزاء المؤلف] (٥). أ. هـ.

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلىّ أبو بكر -مقتل أهل اليمامة-فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استَحَرَّ بقُرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد


(١) في م: "قال المؤلف، ، فيما وجد على ظهر الجزء الأول من تفسيره" وسيأتي هذا في ط في آخر الفائدة.
(٢) رواه مسلم في صحيحه برقم (٦٧٢) من حديث عقبة بن عمرو، .
(٣) تفسير القرطبي (١/ ٥٧).
(٤) تفسير القرطبي (١/ ٥٧).
(٥) زيادة من ط.