للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا" انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ دُونَ الْبُخَارِيِّ (١) مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَاللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فَقَالَ:

حَدَّثَنَا حَسَنٌ وَرَوْحٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "افْتَخَرَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ، يَدْخُلُنِي الْجَبَابِرَةُ وَالْمُتَكَبِّرُونَ وَالْمُلُوكُ وَالْأَشْرَافُ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: أَيْ رَبِّ، يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ. فَيَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي، أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ. وَقَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَيُلْقَى فِي النَّارِ أَهْلُهَا فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ قَالَ: وَيُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ وَيُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَأْتِيَهَا (٢) عَزَّ وَجَلَّ، فَيَضَعَ قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتُزْوَى وَتَقُولُ: قَدِنِي، قَدِنِي. وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَيَبْقَى فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى، فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا مَا يَشَاءُ" (٣) .

حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَم، حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عُدي بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْش، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُعَرِّفُنِي اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، نَفْسَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْجُدُ سَجْدَةً يَرْضَى بِهَا عَنِّي، ثُمَّ أَمْدَحُهُ مِدْحَةً يَرْضَى بِهَا عَنِّي، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ، ثُمَّ تَمُرُّ أُمَّتِي عَلَى الصِّرَاطِ -مَضْرُوبٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ-فَيَمُرُّونَ أَسْرَعَ مِنَ الطَّرْفِ وَالسَّهْمِ، وَأَسْرَعَ مِنْ أَجْوَدِ الْخَيْلِ، حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ مِنْهَا يَحْبُو، وَهِيَ الْأَعْمَالُ. وَجَهَنَّمُ تَسْأَلُ الْمَزِيدَ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطُّ قَطُّ! وَأَنَا عَلَى الْحَوْضِ". قِيلَ: وَمَا الْحَوْضُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ شَرَابَهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ. وَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، لَا يَشْرَبُ مِنْهُ إِنْسَانٌ فَيَظْمَأُ أَبَدًا، وَلَا يُصْرَفُ فَيَرْوَى أَبَدًا" (٤) . وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحمَّاني (٥) عَنْ نَضْرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} قَالَ: مَا امْتَلَأَتْ، قَالَ: تَقُولُ: وَهَلْ فِيَّ مِنْ مَكَانٍ يُزَادُ فِيَّ.

وَكَذَا رَوَى الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} : وهل في مدخل واحد، قد


(١) صحيح مسلم برقم (٢٨٤٧) .
(٢) في م: "يأتيها ربها".
(٣) المسند (٣/١٣) .
(٤) ورواه ابن أبي عاصم في السنة برقم (٧٩٠) من طريق عقبة بن مكرم به.
وقال الألباني: "إسناده موضوع آفته عبد الغفار بن القاسم، وهو أبو مريم الأنصاري كان يضع الحديث كما قال ابن المديني وأبو داود".
(٥) في م: "الحمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>