للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الجمعة]

وهي مدنية.

عن ابن عباس، وأبي هريرة: أن رسول الله كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين. رواه مسلم في صحيحه (١)

.

﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)

يخبر تعالى أنه يُسبّح له ما في السموات وما في الأرض، أي: من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها، كما قال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤]

ثم قال: (الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) أي: هو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بحكمه، وهو (الْقُدُّوسِ) أي: المنزه عن النقائص، الموصوف بصفات الكمال (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) تقدم تفسيره غير مرة.

وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ) الأميون هم: العرب كما قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ٢٠] وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم، ولكن المنة عليهم أبلغ وآكد، كما في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤] وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به. وكذا قوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] وقوله: ﴿لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وقوله إخبارا عن القرآن: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق (٢) أحمرهم وأسودهم، وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام، بالآيات والأحاديث الصحيحة، ولله الحمد والمنة.


(١) صحيح مسلم برقم (٨٧٧) من حديث أبي هريرة ، وبرقم (٨٧٩) من حديث ابن عباس .
(٢) في أ: "الثقلين".