للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة تبت]

وهي مكية.

﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)

قال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي خرج إلى البطحاء، فصعد الجبل فنادى: "يا صباحاه". فاجتمعت إليه قريش، فقال: "أرأيتم إن حَدثتكم أن العدوّ مُصبحكم أو مُمْسيكم، أكنتم تصدقوني؟ ". قالوا: نعم. قال: "فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبا لك. فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) إلى آخرها (١).

وفي رواية: فقام ينفض يديه، وهو يقول: تبا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (٢).

الأول دعاء عليه، والثاني خبر عنه. فأبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول الله (٣) واسمه: عبد العُزّى بن عبد المطلب، وكنيته أبو عُتبة. وإنما سمي "أبا لهب" لإشراق وجهه، وكان كثير الأذية لرسول الله والبغضة له، والازدراء به، والتنقص له ولدينه. .

قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: أخبرني رجل -يقال له: ربيعة بن عباد، من بني الديل، وكان جاهليًا فأسلم -قال: رأيت النبي في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: "يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه أحولُ ذو غديرتين، يقول: إنه صابئ كاذب. يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب (٤).

ثم رواه عن سُرَيج، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، فذكره -قال أبو الزناد: قلت لربيعة: كنت يومئذ صغيرًا؟ قال: لا والله إني يومئذ لأعقل أني أزفر القربة. تفرد به أحمد (٥).

وقال محمد بن إسحاق: حدثني حُسَين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس قال: سمعت ربيعة بن عباد الديلي يقول: إني لمع أبي رجل شاب، أنظر إلى رسول الله يتبع القبائل -ووراءه


(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٧٢).
(٢) صحيح البخاري برقم (١٣٩٤، ٤٨٠١، ٣٥٢٥).
(٣) في م: "أعمام النبي".
(٤) المسند (٤/ ٣٤١).
(٥) المسند (٤/ ٣٤١).