الكسر، والله أعلم.
وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمهم القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، ﵁، أن يلقن خمس آيات خمس آيات، رويناه عنه بسند جيد (١).
نسيان القرآن
وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا، وقول الله تعالى:
سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى * إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأعلى: ٦، ٧]
حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي ﷺ رجلا يقرأ في المسجد فقال: " يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا من سورة كذا ".
وحدثني محمد بن عبيد بن ميمون، حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام وقال: أسقطتهن من سورة كذا وكذا. انفرد به أيضا. تابعه علي بن مسهر وعبدة عن هشام (٢).
وقد أسندهما البخاري في موضع آخر، ومسلم معه في عبدة (٣).
وحدثنا أحمد بن أبي رجاء، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ﵂، قالت: سمع رسول الله ﷺ رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: "يرحمه الله، فقد (٤) أذكرني آية كذا وكذا كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا ". ورواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة (٥)
.
الحديث الثاني: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: " بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسِّى " ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به (٦). وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: "فإنما هو نُسِيَ "، بالتخفيف، هذا لفظه.
وفي هذا الحديث -والذي قبله-دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقصٍ له إذا كان
(١) مسند الفاروق للمؤلف (١/ ١٧٠).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٠٣٧).
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٣٣٥) وصحيح مسلم برقم (٧٨٨).
(٤) في جـ، ط: "قد".
(٥) صحيح البخاري برقم (٥٠٣٨) وصحيح مسلم برقم (٧٨٨).
(٦) صحيح البخاري برقم (٥٠٣٩) وصحيح مسلم برقم (٧٩٠) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٤٢).