للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الانفطار]

وهي مكية.

قال النسائي: أخبرنا محمد بن قدامة، حدثنا جرير عن الأعمش، عن محارب بن دثَار، عن جابر قال: قام معاذ فصلى العشاء الآخرة فطوّل، فقال النبي : "أفتان يا معاذ؟! [أفتان يا معاذ؟!] (١) أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى، والضحى، وإذا السماء انفطرت؟! " (٢).

وأصل الحديث مخرج في الصحيحين (٣) ولكن ذُكَر " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ "في (٤) أفراد النسائي. وتقدم من رواية عبد الله بن عمر، عن النبي قال: "من سَرَّه أن يَنْظُرَ إلى القيامة رأي عين فليقرأ: " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ "و " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ "و " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "" (٥).

﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)

يقول تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) أي: انشقت. كما قال: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨].

(وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ) أي: تساقطت.

(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: فجر الله بعضها في بعض. وقال الحسن: فجر الله بعضها في بعض، فذهب ماؤها. وقال قتادة: اختلط مالحها بعذبها. وقال الكلبي: ملئت.

(وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت) قال ابن عباس: بُحِثَت. وقال السدي: تُبَعثر: تُحرّك فيخرج من فيها.

(عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) أي: إذا كان هذا حَصَل هذا.

وقوله: (يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)؟: هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس


(١) زيادة من سنن النسائي.
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٥٢).
(٣) صحيح البخاري برقم (٧٠٠، ٧١١) وصحيح مسلم برقم (٤٦٥).
(٤) في م، أ: "من".
(٥) تقدم تخريج الحديث عند تفسير سورة التكوير، وهو في سنن الترمذي برقم (٣٣٣٣).