للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة الزمر]

وهي مكية.

قال النسائي: حدثنا محمد بن النضر بن مساور، حدثنا حماد، عن مروان أبي لبابة (١)، عن عائشة قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول: ما يريد أن يفطر. ويفطر حتى نقول: ما يريد أن يصوم. وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر (٢).

﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤)﴾.

يخبر تعالى أن تنزيل هذا الكتاب -وهو القرآن العظيم-من عنده، ، فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥].

وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤١، ٤٢]. وقال هاهنا: (تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ) أي: المنيع الجناب، (الْحَكِيمِ) أي: في أقواله وأفعاله، وشرعه، وقدره.

(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) أي: فاعبد الله وحده لا شريك له، وادع الخلق إلى ذلك، وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له [وحده] (٣)، وأنه (٤) ليس له شريك ولا عديل ولا نديد؛ ولهذا قال: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) أي: لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله، وحده لا شريك له.

وقال قتادة في قوله: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) شهادة أن لا إله إلا الله. ثم أخبر تعالى عن عُبّاد الأصنام من المشركين أنهم يقولون: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) أي: إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا (٥) تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله في


(١) في ت: "روى النسائي بإسناده عن عائشة".
(٢) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٤٤).
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) في ت: "فإنه".
(٥) في أ: "فعدوا".